أما بعد فإلى شيوخنا الكرام، وعلمائنا الأفاضل، وإخواننا طلبة العلم نتوجه بهذه الكلمات المسطرة لإعلام من لم يبلغه الأمر منهم، وحض من بلغه على القيام بالواجب؛ حماية لتوحيد الله، وصيانة لجنابه، وذباً عن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغيرة على دعوته.
  1. سبب تأليف الرسالة

    وموجب هذا أنه ظهر منذ أشهر في بلد الله الحرام وغيرها من البلاد كتاب لداعية الشرك في هذا الزمان ومجدد ملة عمرو بن لحي، المدعو (محمد بن علوي المالكي)، أسماه شفاء الفؤاد بزيارة خير العباد طبعته ونشرته وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف بدولةالإمارات.
    وقدم له وزيرها بمقدمة أثنى فيها على الكتاب وعلى مؤلفه مدعياً أنه: ''قد جلا فيه وجه الصواب، وأصاب كبد الحقيقة وأوضح سبيل الرشد، بالأدلة الساطعة والبراهين القاطعة بأسلوب علمي دقيق وتوفيق رائع عميق....'' إلى آخر ما هذى به.
  2. موقف أهل البدع من هذا الكتاب

    وقد تلقف أهل البدع ومروجو الضلالة ودعاة الشرك والخرافة هذا الكتاب، فنشروه على العامة ولبسوا به على الناس، وتحمسوا في نظرهم للأخذ بالثأر، ورد الاعتبار لمؤلفه بعد أن هتك الله ستره وفضح أمره.
    ومما زاد في ألم أهل التوحيد والسنة أنه مع توزيع هذا الكتاب وانتشاره عند الخاصة والعامة، ما سمعوا ولا علموا أنه صودر أو حوسب موزعوه أو سئل كاتبه أدنى سؤال، ولم يكن لذلك من أثر يذكر في العلاقة مع الدولة التي طبعته والوزارة التي نشرته.
    بل الذي بلغهم يقيناً أن كاتباً مصرياً في صحيفة مصرية تعرض للمؤلف مستشهداً ببعض ما في كتابه السابق الذخائر المحمدية، فثارت حمية وزارة الإعلام وكادت تبطش بالرقيب الذي فسح للصحيفة (في قصة يعلمها الكثير في الوزارة ولا نريد الإطالة بذكرها) .
  3. موقف أهل السنة من هذا الكتاب

    وهذا ما حدا بأهل الغيرة إلى مناشدة شيوخنا وعلمائنا أن يقوموا بواجبهم في هذا الشأن، إذ لا نملك نحن طلبة العلم إلا أضعف الإيمان، ولما طال الانتظار واستطال الأشرار قام كاتب هذه السطور بتعليق موجز على الكتاب، وتنبيهات على ما فيه من الشرك الأكبر الذي لا يحتمل تأويلاً ولا يقبل جدلاً، وذلك ضمن الوقت المخصص عادة للإجابة على أسئلة درس شرح العقيدة الطحاوية.
    فنفع الله به على إيجازه، وأطفأ به بعض غضب أهل التوحيد، وأقام الحجة على بعض أهل الخرافة، ولكن لم يمض على ذلك أسبوعان أو ثلاثة حتى صادرت الوزارة - وزارة الإعلام - الشريط، وسحبته من كل التسجيلات؛ ولا سيما في المنطقة الغربية.
    وأبلغنا بذلك سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله وغيره من العلماء، وانتظرنا فما سمعنا حتى تاريخه عن عمل أو إنكار أو رد من أحد من أهل السنة.
    بل سمعنا من بعض المرجفين في المدينة المنتسبين إلى السلفية -والله أعلم بما يبيتون- إنكارهم للشريط؛ لأنه نسب طمس بعض الأبيات الشركية إلى فاعل خير ولم ينسبه إلى الحكومة -هكذا أولوا- مع أن شيوخنا في المدينة وغيرها يعلمون أمر الطمس جيداً، ويعلمون لماذا لم يطمس الباقي حتى اليوم!!
    وقد خطر لي -وأرجو أن يكون ذلك حقيقة- أن الذي منع أهل السنة من الإنكار ليس الخذلان -عياذاً بالله- لكنها المشاغل الكثيرة من جهة، وعدم اطلاع بعضهم على الكتاب وخطر ما فيه من جهة أخرى.
    فرأيت أن أجمل بعض مصائبه في ورقات قلائل، وأبعث بها إلى من يهمه الأمر مقرونة بصورة من الكتاب لمن لم يطلع عليه بعد، رجاء أن يرفع الله عنا الإثم، ويدفع العذاب، ويبعث الهمم.
  4. خطر كتاب المالكي على الأمة

    والكتاب محشو بما اشتملت عليه مصنفات الغالين المطرين قبله (كـالسبكي) من بدع الزيارة وحكاياتها المصنوعة؛ بل الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يتناقلونها جيلاً بعد جيل مع بيان أئمة الحديث -رحمهم الله- لحالها، ولو لم يكن إلا بيان شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله لكفى.
    والمؤلف مع أنه يحمل شهادة الدكتوراة في الحديث، ومع اطلاعه على كلام شَيْخ الإِسْلامِ - بدليل نقله عنه في الكتاب- أصر على تنكب طريق الحق، وضرب صفحاً عما يعلمه من تحريم الاستدلال بمثل هذه الروايات، بل نقل هو في كتابه هذا صفحة (69) عن الشوكاني قول الحافظ رحمه الله : أكثر متون هذه الأحاديث موضوعة نعوذ بالله من عمى البصيرة!!
    وهذا الكتاب أشمل وأعمق في الضلالة، من كتاب الزيارة الذي كتبه "الخميني" والذي يوزعه الرافضة في كل موسم، فهو كالمستنقع للإرث المشترك بين الروافض والصوفية وعباد القبور في القديم والحديث، إلا أنه تميز عمن سبقه - فيما أعلم - بإيراده لما يسمى قصائد الحجرة النبوية، حيث حل رموز تلك القصائد التي لا يستطيع كثير من الناس قراءتها؛ لصعوبة خطها أو لما اعتراها من طمس ونقص، ولم يكتف بإيرادها؛ بل استحسن أن تقال أمام المواجهة النبوية كما سنبين من كلامه.
  5. كيف يكون موجز الرد على المالكي

    فأما نُقوله التي اشتملت على الأحاديث الباطلة والحكايات المختلقة أو التي جاء بها للتلبيس من كلام أئمة الدين والفقهاء المعتبرين، أو التي اشتملت على بدع ومخالفات دون الشرك فلم أر الإطالة بذكرها، إذ الغرض التنبيه لا التفصيـل، ومثل هذا لا يخفى على فطنة القارئ من أمثالكم.
    وأما نقوله الشركية وما فيها من حط لمقام الألوهية، وغلو في الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى درجة الربوبية أو الألوهية وتقرير لمذهب غلاة الرافضة والصوفية؛ بل الباطنية فهذا ما سنورد عليه نماذج تدلك على ما وراءها.