لا ريب أن أساس هيمنة الغرب على العالم المعاصر هو تفوقه الصناعي، واحتكاره للقوى، وتطفيفه في التعامل، ولا ريب أن النفط هو السلعة الضرورية الحيوية للصناعة والحياة الغربيتين، ليس لأنه مصدر الطاقة الرئيسي في العالم بعد انتهاء عصر الفحم الحجري فحسب؛ بل لأن استخدام النفط في الطاقة على أهميته أصبح هدفاً من جملة أهداف أخرى مهمة كثيرة، فلا يكاد يخلو مجال من مجالات الصناعة الحديثة من استخدام النفط حتى الأدوية والعطور والملابس والأواني والصناعات الحربية... إلخ.
ومع هذه الأهمية العظمى فإن العالم الغربي "و أمريكا خاصة " الذي يخطط إلى ما بعد 500سنة من الآن بالنسبة لبدائل الطاقة واحتياطي المعادن وجد نفسه أمام تراجع كبير في احتياطيه من النفط، كما أن توابعه "اليابان مثلاً" لا تنتج النفط أصلاً.
وتشير آخر الإحصائيات إلى أن احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية سينفد سنة 2000م، وسينفد احتياطي الاتحاد السوفييتي سنة 2003م.
  1. أكبر مخزون للنفط في العالم

    أما أكبر مخزون للنفط في العالم فهو منطقة الخليج عامة والمملكة العربية السعودية خاصة؛ حيث لا يقل هذا الاحتياطي عن (60%) من الاحتياطي العالمي كله، وإذا استمر الإنتاج في معدله الحالي فإن المخزون السعودي سوف يستمر (125) سنة، والكويت (144) سنة، والعراق (98) سنة، والإمارات (120) سنة. "انظر: مجلة الأسبوع العربي عدد 22/10/1990".
    يضاف إلى ذلك الفرق الهائل جداً في تكاليف الإنتاج وكميته، فالبئر الأمريكية تنتج 18 برميلاً في اليوم في حين أن البئر السعودية قد تنتج 18000 برميل لمدة تزيد عن 45 سنة!!
    ومن هنا برز الخليج العربي باعتباره أهم منطقة في العالم على الإطلاق، وأصبح محط شراهة القوى الطامعة، وبذلك تكون القوة المسيطرة على الخليج هي القوة المتحكمة في شرايين الحياة في العالم الغربي، ويمكن لها أن تخنق الغرب إلى أن يموت.
    يقول الرئيس نيكسون: ''أصبحت الآن مسألة من يسيطر على ما في الخليج العربي والشرق الأوسط تشكل مفتاحاً بيد من يسيطر على ما في العالم، وقال: إن منطقة كانت ذات يوم تنعم إلى حد كبير بخيال رومانتيكي أصبحت الآن تمسك مصير العالم بذراعيها أو برمالها بتعبير أدق''.
    أما الرئيس كارتر فقد عبر أحد مستشاريه عن مشاعره قائلاً: ''لو أن الله أبعد النفط العربي قليلاً نحو الغرب لكانت مشكلتنا أسهل''.
    فهو يتمنى لو أن الله جعل النفط في محيط سيطرة الدولة اليهودية التي هي جزء من الغرب دينياً وعرقياً، وهذه العبارة الصليبية ليس أسوأ منها إلا ما قاله أكثر من مسئول أمريكي ومنهم السفير السابق في السعودية: ''إننا ذهبنا لتصحيح خطأ الرب حيث جعل الثروة هنا بينما العالم المتحضر في مكان آخر''، قاتله الله وأخزاه.
  2. الهدف من الهجوم على النفط

    ومع هذه الأهمية الحيوية البالغة فإن لهذه المنطقة أهمية من جوانب أخرى، فهي مهدّ الحضارات، وملتقى الطرق العالمية -كما أن لها حساسيتها الدينية والتاريخية التي لا يتجاهلها أحد- ومن هنا كانت محط التنافس الضاري طوال القرون "البيزنطيون، التتار، العثمانيون، البرتغاليون، الإنجليز"، كما أن تركيبتها العرقية والطائفية تجعلها منطقة قابلة للالتهاب بسرعة (عرب، فرس، أكراد، ترك، بلوش، سنة، شيعة، خوارج، يهود في إيران، نصارى في العراق... إلخ).
    ولهذا ظلت هذه المنطقة بؤرة للتناقضات والحروب والصراع الفكري، وبعبارة أصح: للفتن التي أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها تأتي من قبل تلك الجهة، وأصبح لزاماً على كل من يتعامل معها أن يراعي هذه الحساسيات البالغة والأوضاع المعقدة.