المادة    
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:
[وهو مستغنٍ عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
أما قوله: "وهو مستغن عن العرش وما دونه" فقال تعالى: ((فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ))[آل عمران:97] وقال تعالى: ((وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))[فاطر:15] وإنما قال الشيخ رحمه الله هذا الكلام هنا؛ لأنه لما ذكر العرش والكرسي، ذكر بعد ذلك غناه سبحانه عن العرش وما دون العرش، ليبين أن خلقه للعرش واستواءه عليه ليس لحاجته إليه، بل له في ذلك حكمة اقتضته، وكون العالي فوق السافل لا يلزم أن يكون السافل حاوياً للعالي، محيطاً به، حاملاً له، ولا أن يكون الأعلى مفتقراً إليه؛ فانظر إلى السماء، كيف هي فوق الأرض وليست مفتقرة إليها.
فالرب تعالى أعظم شأناً، وأجلُّ من أن يلزم من علوه ذلك، بل لوازم علوه من خصائصه، وهي حمله بقدرته للسافل، وفقر السافل، وغناه هو سبحانه عن السافل، وإحاطته عز وجل به، فهو فوق العرش مع حمله بقدرته للعرش وحملته، وغناه عن العرش، وفقر العرش إليه، وإحاطته بالعرش، وعدم إحاطة العرش به، وحصره للعرش، وعدم حصر العرش له، وهذه اللوازم منتفية عن المخلوق.
ونفاة العلو أهل التعطيل لو فصَّلوا هذا التفصيل، لهدوا إلى سواء السبيل، وعلموا مطابقة العقل للتنزيل، ولسلكوا خلف الدليل، ولكن فارقوا الدليل فضلُّوا عن سواء السبيل، والأمر في ذلك كما قال الإمام مالك رحمه الله، لما سئل عن قوله تعالى: ((ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ))[الأعراف:54]: كيف استوى؟ فقال: {الاستواء معلوم، والكيف مجهول}. ويروى هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم
] اهـ
الشرح:
يعلل المصنف رحمه الله قول الإمام أبي جعفر: وهو مستغنٍ عن العرش وما دونه" فيقول: "وإنما قال الشيخ رحمه هذا الكلام هنا؛ لأنه لمَّا ذكر العرش والكرسي، ذكر بعد ذلك غناه سبحانه عن العرش، وما دون العرش، ليبين أن خلقه للعرش واستواءه عليه ليس لحاجته إليه" لأن أهل التأويل والمخالفين لـأهل السنة والجماعة في الصفات وفي أمور الغيب يقولون في أي صفة من الصفات: يلزم من ذلك كذا، ويلزم من ذلك كذا؛ فلإبطال هذه اللوازم وغيرها جاء المصنف رحمه الله بهذه الفقرة.
وتفصيلها أن يقال: لا يلزم من إثبات العرش لله ومن استوائه عليه أنه محتاج إليه، فالله تعالى يخلق ما يشاء، وله عز وجلَّ الحكمة البالغة في ذلك كله.
  1. انتفاء اللوازم الباطلة من إثبات العلو

  2. لوازم العلو الخاصة بالله تعالى

  3. لا منافاة بين العقل والنقل في إثبات العلو