دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، له سفر باسمه في كتاب أهل الكتاب يتميز عن أكثر الأسفار بأمور، وإن كان يشاركها في المشكلة العامة وهي وقوع التحريف أو التعديل، ومن ميزاته:-
1 - وضوح عقيدة التوحيد، فهو يُسمي الله تعالى بـ"إله السموات" خلافاً لتلك الأسفار التي تسميه "رب القوات" -وهي تسمية يهودية تكشف عن النظرة اليهودية لله وللناس- وهو يصف الله بما لا نظير لـه في غيره، فهو الحي القيوم الذي لـه الحكمة والجبروت والعلم والتدبير والقدرة، وأنه رب الملوك وكاشف الأسرار والمستحق وحده للسجود والعبادة، وأن السحر والكهانة والتنجيم باطل... إلخ.
2- تطابق ما فيه من النبوءات مع الواقع المعلوم بالتواتر من أحداث التاريخ؛ بحيث لا يشك فيها إلا مغرض.
3- اشتماله على بشارات صريحة بختم النبوة وظهور الرسالة الأبدية.
4- اشتمال نبوءته على أرقام محددة ظلت مدار بحث وجدل طوال التاريخ.
أما دانيال نفسه فهو أشبه الأنبياء بيوسف عليه السلام، إذ هو غريب مضطهد، لكن الله رفعه بالعلم وتعبير الرؤيا لدى الملك، وهو داعية توحيد لا تثنيه الفتن عن ذلك.
وله في الإسلام حادثة مشهورة رواها ابن إسحاق وابن أبي شيبة والبيهقي وابن أبي الدنيا وغيرهم، عن التابعين الذين شهدوا فتح "تستر" -ومنهم أبو العالية ومطرف بن مالك- وفيها مما يهم موضوعنا هنا أن الجيش الإسلامي الفاتح وجدوا دانيال وهو ميت على سرير لم يتغير منه شيء إلا شعيرات من قفاه، وعند رأسه مصحف، فأخذوا المصحف فحملوه إلى عمر رضي الله عنه، فدعا لـه كعب الأحبار فنسخه بالعربية، قال أبو العالية: '' فأنا أول رجل قرأه، قال الراوي عنه: فقلت لـأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتكم، وأموركم، ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد!''
فالنص إذن مترجم إلى العربية، وعلى يد الماهر الخبير كعب الأحبار، وقرأه من قرأه، فلا يستبعد أن يكون علماء الإسلام المؤلفون في البشارة بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكتب السابقة كـابن قتيبة، وابن ظفر قد اطلعوا عليه، وإن لم يكن الأمر كذلك، وكان مصدرهم نسخ التوراة في عصرهم فهو أبلغ وأقوى. فهم غير متهمين في نقلهم، وأهل الكتاب المعاصرون لهم لم يكذِّبوهم فيه!!
بل قال ابن قتيبة كما نقل عنه شَيْخ الإِسْلامِ في الجواب الصحيح:
''وهذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى يقرأونها ويقولون: لم يظهر صاحبها بعد!''
ومع ذلك فنحن هنا لن نعتمد على ما ننقله عن العلماء المسلمين؛ بل على ما هو موجود بين أيدي أهل الكتاب اليوم.
  1. نبوءة دانيال العظمى