مستقبل القدس هو أكبر عقدة في أخطر قضايا الصراع العالمي، هذا ما يتفق عليه الساسة والمراقبون والباحثون في الدنيا.
وعقدة قضية القدس هو وضع بيت الله المقدس (المسجد الأقصى عندنا وفي التاريخ النبوي كله - الهيكل المزعوم عند اليهود والأصوليين المستندين إلى النبوءات الكتابية).
إن النبوءات الكتابية تربط بوضوح بين مستقبل من الجلال والبهاء والعظمة لبيت الله وقبلته الجديدة، وبين الأمة المقدسة المختارة التي تعبد الله فيه، فحيثما وجدنا ذلك البيت وجدنا تلك الأمة الموعودة بأن يكثرها الله، ويمكنها في الأرض، ويظهر دينها على كل الأديان، ويسلطها على ممالك الكفر إلى الأبد.
وحين نجد تلك الأمة نجد قبلتها وأعظم معالمها هو بيت الله ذو المجد والبهاء والتقديس، الذي لا يحظى به أي معبد آخر في الوجود.
هذا التلازم بين الأمة والبيت، لم يكن في يوم من الأيام أكثر منه إلحاحاً ووضوحاً في هذا العصر، والسبب ويا للعجب هم: الأصوليون الصهيونية!
فالمسلمون -مع غفلتهم عن كثير من خصائصهم ونعم الله عليهم ومنها هذا البيت واستقباله- لا يرون العلاقة بين مكة والقدس علاقة تضاد ولا تنافس، بل هي نفس العلاقة بين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وموسى وعيسى عليهما السلام، علاقة المحبة والأخوة والغاية الواحدة، وإن اختلفت مراتب الفضل بين الرسل وبين المساجد!!
أما الأصوليون الصهيونية فالقضية عندهم حاسمة قاطعة:
القدس هي مدينة الله، والهيكل هو بيت الله المذكور في النبوءات، ولا خيار ولا تفكير، بل لا وجود لآخر!!
وهكذا وضعوا أنفسهم في موقف بالغ الخطورة في محكمة الحقيقة التي لا تحابي أحداً، فإما أن يصح ما قالوا، وإما أن يكونوا أكذب الناس وأجدرهم بالعقوبة الرادعة ولا مناص ...
ومن هنا كان لابد من الحديث الموجز عن المسجد الأقصى، وعلاقته بالمسجد الحرام، والكشف عن البراهين من كتب أهل الكتاب، ومن الواقع الذي يراه كل إنسان في العالم كله على بطلان دعوى هؤلاء، وأن النبوءات كلها عليهم لا لهم.
إن قصة المسجد الأقصى طويلة جداً لكن أهم معالمها هو:
1- ثاني مسجد بني في الأرض بعد المسجد الحرام، بنص الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: {قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة } .
2- بعد أن جدد إبراهيم -عليه السلام- البيت الحرام جدد يعقوب عليه السلام المسجد الأقصى كما ورد في بعض الآثار.
3- دخله قوم موسى -عليه السلام- بعد التيه حين جاهدوا الكفار فنصرهم الله ودخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم -كما في سورة المائدة- وعبدوه وحده لا شريك له.
4- بلغ أوج عظمته في البناء حين أعطى الله تعالى سليمان عليه السلام الملك العظيم، فسخر البنائين من الجن والإنس لبنائه، ليكون بيتاً لعبادة الله وحده، وسأل ربه تعالى أنه {أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد، أن يخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه}
5 - سماه اليهود "الهيكل" وهي تسمية وثنية معروفة، مع أن التوراة تسميه بيت الرب في مواضع كثيرة جداً، وليس الإشكال في مجرد الاسم بل حرفوا وابتدعوا حتى صار دينهم كـالوثنية. والتوراة في مواضع كثيرة تسجل عليهم أنهم عبدوا بعلاً وتموز ومناة وغيرها من الأصنام.
6 - تعرض لهجمات عدائية وأحداث كبرى سيأتي بعضها في فقرة تالية.
7 - أسري بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه قبل الهجرة.
8 - افتتح المسلمون بيت المقدس، ودخله أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.
9 - استولى عليه اليهود سنة (1387 هـ - 1967م) وأرادوا محوه من الوجود ولا يزالون.
وأخطر حدث يمكن أن يقع في المرحلة اللاحقة هو حرقه، أو نسفه، أو طمس معالمه وتحويله إلى جزء من بناء مقترح يخطط اليهود لإقامته.
10 - يزعم اليهود أن هيكل سليمان تحته أو حواليه، وقد نبشوا الأرض وجعلوها سراديب، وحللوا مئات الأطنان من الآثار المطمورة فما رأوا للهيكل المزعوم من عين، ولا وقعوا له على أثر!!
إنها آية من آيات الله، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أن يبقى بيت الله الأول، الذي رفع قواعده إبراهيم عليه السلام ظاهراً معموراً محفوظاً مقدساً ما يزيد على أربعة آلاف سنة بل أكثر، فقد حج إليه الأنبياء قبل إبراهيم عليه السلام، وكان مصوناً مقصوداً زمن عاد وثمود، وفي الوقت نفسه تندثر هياكل بابل ونينوى وأورشليم، وتماثيل قوم نوح وأصنام عاد وثمود! وقرون بين ذلك كثير.. وأن يُسقط أهل الكتاب أنفسهم في الحفرة نفسها، مع أنهم يَدَّعون الانتساب إلى إبراهيم عليه السلام، فهم ينقبون ملفات التاريخ المأثور والمطمور، والنهاية إما: ألا يجدوا شيئاً، وإما أن يجدوا ما يشهد لدين الله لا لدينهم.
إن كل ما أوتيته أمريكا وإسرائيل من زينة الحياة الدنيا لا يسلِّيهم من غمِّ الحسرة، ولا يبل جمرة الحسد الذي يأكل قلوبهم حين يرون هذه الأمة الأمية تملك ناصية الحقيقة، وتتقلب في نعيم النور.
هؤلاء البائسون يحفرون في تركية، وشمال العراق، وجنوب مصر وفي كل مكان، فلا يجدون إلا بواصل تشير باستمرار إلى منبع الحضارة الإنسانية، ومركز القيادة العالمية "جزيرة الأمة الأمية".
هذا شأنهم منذ قرون، ومئات الملايين من الجنيهات والدولارات ينفقون؛ لتنطق الشواهد كلها عليهم! فهل رأيت من يستأجر محامياً لإثبات دعوى خصمه؟! إنها حكمة الله!!
نحن المسلمون تشهد لنا نصوص الكتب المقدسة، وتخدمنا حقائق التاريخ، ويُسَخَّر أعداؤنا للشهادة لنا! لماذا؟.
لأننا نؤمن برسل الله جميعاً، ونقدس كل ما قدس الله بلا عنصرية ولا هوى، وموقفنا واضح كالشمس: فالمسجد الحرام هو المسجد الحرام، سواءً حين بناه آدم، وحين بناه إبراهيم، وحين بنته قريش -على شركها وجاهليتها- وحين بناه المسلمون، ومتى أعيد بناؤه -كله أو بعضه- إلى قيام الساعة.
وكذلك المسجد الأقصى -عندنا- هو المسجد الأقصى، حين بُنِي أول مرة، وحين بناه سليمان عليه السلام، وحين صلى فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحين بناه المسلمون بعد، ومتى أعيد بناؤه إلى قيام الساعة.
ونحن نعتقد صحة ما جاء في سفر الملوك من قول الله لسليمان عليه السلام بعد بناء المسجد وهو: ''قدستُ هذا البيت الذي بنيته، لأجل وضع اسمي فيه إلى الأبد''.
فهذا حق ولا زلنا - ولله الحمد - نقدس هذا البيت، ونعبد الله فيه.
أما اليهود الذين أبوا إلا العنصرية والتلبيس - فعن أي شيء يبحثون؟!
إن كانوا يريدون المكان المقدس عند الله؛ فها هو ذا قائم ظاهر فليعبدوا الله فيه كما شرع على لسان خاتم رسله وأنبيائه، ومجدد ملة إبراهيم عليه السلام.، وماذا عليهم لو أسلموا فاهتدوا إلى الحق وعرفوا الحقيقة؟!
وإن كانوا يريدون البناء -مجرد البناء- فما قيمة الحجارة في ذاتها إذا كان ما يتعلق بها من الشعائر منسوخاً أو باطلاً لا يقبله الله؟!
ولو قدرنا أن هذا البحث استمر إلى قيام الساعة، ولم يعثروا على شيء ذي بال فما النتيجة؟
إنها -بلا ريب- تكذيب وعد الله لسليمان عليه السلام ببقائه مقدساً إلى الأبد!
فلماذا التعامي عن حقيقة شرعية دينية، وحقيقة تاريخية واقعية؟
إنه برسالة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحدها تطابق حكم الله الشرعي مع حكمه الكوني القدري، فالمسجد المقدس ديناً وشرعاً يقدس على أرض الواقع حساً مشاهداً.
أما الترتيب في الفضل والقداسة فمسألة أخرى، ولها حكم عظيمة أعظم بكثير من وجود الهيكل أو عدمه.
حينما كانت النبوة في ذرية إبراهيم عليه السلام كان المسجد الأقصى محور الأحداث، ومسجد الأنبياء من ذرية إسحاق، ولما أراد الله نـزع النبوة والكتاب منهم، وجعلها في فرع إسماعيل اقتضت حكمته أن يولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البلد الحرام نفسه، حيث تعلم العرب قاطبة أنه من ذرية إسماعيل، وأن يولد في العام الذي صد الله أصحاب الفيل النصارى عن بيته الحرام!
فأهل الكتاب لـمَّا لم يجدوا بيتهم المزعوم، وعجزوا عن تسخير القلوب للبيوت البديلة في روما وصنعاء، سعوا إلى هدم بيت الله نفسه، وسيظلون يسعون حتى يهدموه بين يدي الساعة!!
وشهد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بناء البيت قبل النبوة، ثم بعد بعثته حين أراد ربه الكريم أن يفرض عليه أعظم شعائر الإسلام العملية (الصلوات الخمس) أسري به أولاً إلى المسجد الأقصى -وفي ذلك من العلاقة والرابطة ما فيه- وهناك صلى بالأنبياء الكرام، ومن هناك عرج به إلى السماء، وظل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي إلى المسجد الأقصى مع تشوقه إلى أن يصلي إلى الكعبة، وكان الأمر في مكة له مخرج بأن يجعل الكعبة بينه وبين القبلة، وتعذر ذلك حين هاجر إلى المدينة، وظل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقبل المسجد الأقصى بضعة عشر شهراً، لحكمة جليلة لو كان أهل الكتاب يعقلون! فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما يتبع ما يوحى إليه من ربه لا ما ترغبه نفسه، كما أن في استقباله للمسجد الأقصى ما ينطق بنبوته وتعظيمه للأنبياء، وأنه على سنتهم ومنهاجهم، ثم جاءه الأمر من ربه بالتحول فتحول إلى بيت الله الأول ومقام أبيه إبراهيم، فكان ذلك تمحيصاً للإيمان، واختياراً لهذه الأمة الوسط، وحكماً أبدياً على من لم يستقبل القبلة الجديدة ببطلان دينه، ورد عبادته، وحرمانه من اتباع ملة إبراهيم عليه السلام، وشهادة عظيمة على أن كفر أهل الكتاب إنما هو عن حسد وبغي مع معرفةٍ واستيقانٍ للحق.
وهكذا جاءت آيات القبلة في كتاب الله المحفوظ في سورة البقرة من (142-150) ومنها قوله تعالى: ((وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ))[البقرة:144] وقوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[البقرة:146] بل نجد السياق يمهد لذلك من أول السورة؛ ولاسيما من قوله تعالى: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ...)[البقرة:124]، حيث نص على إسلام إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وأمر هذه الأمة بالإيمان بما أنـزل إليهم، وأبطل قول أهل الكتاب بأنهم كانوا هوداً أو نصارى..!!
آية كالشمس أن يضل اليهود والنصارى عن دين إبراهيم عليه السلام وقبلته ومسجده المحجوج المعمور الذي لا نظير لـه في الدنيا كلها، فلو أن كنيساً لليهود اجتمع فيه مرة واحدة في السنة مثلما يجتمع في هذا المسجد الحرام من المصلين في فريضة واحدة من الصلوات الخمس اليومية؛ لجعلوه حادثاً تاريخياً!! ثم هم يبحثون وينقبون عما لا وجود لـه إلا في مخيلتهم التي أفسدتها الوثنيات منذ القدم.
وإذا جادل أهل الكتاب، وعميت أبصارهم عن هذه الآيات الباهرات، فلن يستطيعوا أن يكابروا فيما هو مسطور في نفس كتابهم المقدس عن مكة والقبلة الجديدة، فلنذكر طرفاً من ذلك ليعلم الأمريكان واليهود ومن وراءهم أنه لا حَظَّ لهم في الإيمان، ولا في ميراث الأنبياء إلا الدعاوى والأماني، وأن الجري وراء سراب الأرض الموعودة والهيكل لن يثمر لهم إلا البعد عن الصراط المستقيم، والدخول في التيه الذي لا مخرج فيه.
فها هي ذي بعض صفات بيت الله الكعبة، وبلده الحرام مكة من كتابهم المقدس، نورد أكثرها بالنص الحرفي وبعضها بالمعنى اختصاراً:
1- أورشليم الجديدة أورشليم المسيحية ...(بالشين أي الخلاصية التي في عهد المشيح أي المخلّص الموعود) .
2 - في برية أو جبال فاران التي عاش فيها إسماعيل وأمه، وأنبع الله لهم الماء فيها.
3 - المدينة التي كان إبراهيم يتطلع إليها بشوق.
4 - سكانها بنو قيدار. (ذرية إسماعيل).
5 - هي بلد الأمين الصادق: رئيس الخليقة.
6 - ليس فيها هيكل.
7 - هيكل سليمان في كل عظمته لا يعتبر شيئاً بالنسبة للبيت الجديد.
8 - البيت الجديد شكله مكعب.
9 - المكعَّبة فيها حجر كريم.
10 - تتـزين بالإكليل والحلي كالعروس.
11 - يهابها كل من يناوئها ولا يدنو منها الرعب.
12 - عند الكعبة نبع ماء الحياة مجاناً فيه شفاء (زمزم).
13 - تفتح أبوابها ليلاً ونهاراً لا تغلق.
14 - تجثو عندها كل ركبة في الكون.
15 - تكون هناك سكة وطريق يقال لها: الطريق المقدسة لا يعبر فيها نجس.
16 - لا يدخلها شيء نجس.
17 - أبناؤها أكثر من أبناء القدس.
18 - تضيق بسكانها والداعين فيها.
19 - يسجد الملوك أمامها ويلحسون غبارها!!
20 - تزول الجبال والآكام ولا يـزول إحسان الله وسلامه عنها.
21 - تتحول إليها ثروة البحر، ويأتي إليها غنى الأمم.
22 - يجتمع إليها الناس ويأتون من بعيد.
23 - تضيق أرضها عن الإبل والغنم القادمة من الغرب والشرق: سبأ ومدين وفاران وقيدار، ويخدمها رجال مأرب.
24 - لها جبل مبارك تسير إليه الأمم ليعبدوا الله فيه (عرفة).
25 - الكل عند البيت سواء في حرية التقرب إلى الله.
26 - مكتوب اسم الله على جباه أهلها!! ((سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)) [الفتح:29].
27 - يمتنع العباد حول البيت عن ما يصدر عن الطبيعة (البول والغائط).
28 - يكون رأس الرجل عارياً، والمرأة تغطي رأسها، ويلبسون من الحقوين إلى الفخذين، ويجزون شعر رأسهم جزاً (الإحرام والتحلل)
لقد حار مفسرو التوراة بشأن هذه المدينة؛ لأنهم لا يريدون الإقرار بالحقيقة.
صفات جليلة كالشمس؛ ولكن مفسري "البايبل" تعاموا عنها وتخبطوا في تفسيرات متناقضة!
فتارة يزعمون أن هذه الأوصاف لمدينة سماوية، وتارة يزعمون أنها أورشليم رمزية، وتارة يزعمون أنها أورشليم الكاملة المشيحية، أي: التي ستكون في العهد الألفي السعيد!!
ولم يعلموا أنهم بهذه التفسيرات قد شهدوا على أنفسهم أنها ليست هي أورشليم القدس المعروفة، وأن أهلها ليسوا بني إسرائيل هؤلاء، وهكذا أشرق الصبح لذي عينين -ولله الحمد- وأظهر الله الحقيقة ولو كره الحاسدون.
ومَن شك في هذا من مثقفي الغرب فما عليه إلا أن يشاهد النقل الحي لشعائر التراويح، أو الحج على الفضائيات، ويقارن بين ما يقرأ من الصفات وما يرى بأم عينه؛ ليعلم لماذا خاطب الله علماء ملته بقوله: ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ))[آل عمران:71].
ويتذكر قول المسيح للمرأة السامرية حين سألته: أي قبلتي بني إسرائيل أفضل؟ ''صدقيني أيتها المرأة تأتي ساعة فيها تعبدون الرب لا في هذا الجبل (في السامرة) ولا في أورشليم'' .
وإذا ثبت هذا فالأمانة العلمية وحرية البحث توجب أن يعيد النظر في كل النبوءات، ويشك في كل التفسيرات، ولن يجد حينئذٍ أي صعوبة في التمييز بين الأمة المصطفاة الموعودة بنصر الله، وبين الأمة الملعونة التي تقيم رجسة الخراب على أرض الأنبياء، وليعلم أن هذا مثال واحد فقط! ولو عرضنا عليه نبوءات أخرى لكانت النتيجة نفسها (ولكن توفيراً لوقتنا ووقته سوف نقدم لـه المفاتيح الأساس لحل رموز النبوءات كلها، من خلال هذه الهدية التي نرجو أن يحملها إلى أقرب "ربِّي" أو "قسيس").
  1. هدية إلى أهل الكتاب