الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذا الكتيب يحوي بشرى للمستضعفين في الأرض المحتلة خاصة وللمسلمين عامة.
ولكنه لم يكتب ليبشرهم؛ فإن في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المبشرات الكثير، وما عدا ذلك منـها له حدوده وضوابطه، فالمضمون إذن لا يؤسس عقيدة للمسلمين - كما قد يظن بعض القراء من أهل الكتاب والمسلمين وغيرهم- وإنما كتب ليختطّ أسلوباً في التعامل مع الأسس الفكرية لعدو الإنسانية اللدود "الصهيونية - بوجهيها: اليهودي، والأصولي النصراني- "ذلك العدو الذي أشغل الدنيا، وملأ الفضاء والورق بالحديث عن النبوءات الكتابية -لاسيما بعد الانتفاضة الأخيرة- .
ودراسة النبوءات هي أحد مواد البحث في الدراسات المستقبلية، إلا أن النبوءات كالأفكار منها الصحيح، ومنها الزائف، ومن حق القارئ العالمي أن يجد الرأي الآخر في هذا الموضوع الخطير، ومن حق القارئ المسلم أن يطالب باستدعاء الاحتياطي في هذه المعركة الطويلة الشرسة، والاحتياطي هنا هو الدراسة الموضوعية للأصول العقدية للعدو ولنفسيته وسلوكه، من خلال مصادره وتراثه التي هي عماد روحه المعنوي وإيمانه بقضيته.
وحين نفعل ذلك فإننا في - الحقيقة - لا نأتي بجديد، وإنما هو امتثال للمنهج القرآني الذي علَّمنا الرجوع إلى المصادر الكتابية؛ لإقامة الحجة وإلزام المفتري: ((قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) [آل عمران:93] .
مثلما علَّمنا أنهم كتموا الحق وألبسوه بالباطل وهم يعلمون.
وإذا كانت عدالة القضية هي أساس الروح المعنوية للمقاتل، فإن التوراة لا تدل فحسب على أن قضية الجندي الصهيوني غير عادلة، بل تدل على أن من الواجب عليه أن يقاتل في الصف المقابل، كما تفرض على المستوطن أن يعلم أن قدومه إلى هذه الأرض إنما هو لاستنـزال عقوبة الله وإحلال غضبه عليه، فلا أقل من أن يرحل! وإن كان الأحب إلينا أن يهتدي لنور الله، ويصبح أخاً لنا في الإسلام الذي هو ملة إبراهيم عليه السلام، ويشاركنا نعمة الإيمان بكل كتب الله ورسله، بلا تفريق بين أحد منهم.
ولا ينبغي أن ينتظر (يوم الغضب) لكي يرحل أو يؤمن، فربما ضاعت الفرصة العظمى قبل ذلك اليوم أو فيه.
إنني أنصح كل يهودي في أرضنا المحتلة ألا يدع التوراة حكراً على محترفي الكهانة، الذين يحصلون على إعفاء مجاني من الخدمة العسكرية، بينما هو يقدم نفسه من أجلها وأجلهم.
إنني أنصحه أن يقرأها ولكن بعقله ووعيه لا بشروحاتهم وتأويلاتهم، وسيرى الحقيقة التي لابد للعالم كله أن يراها عما قريب!!
وليعلم أنه مهما اعتدى علينا، وقتل أطفالنا، وأحرق مزارعنا، وأفسد علينا حياتنا، فإننا لن نعامله إلا بما شرع الله لا بما تشتهي أنفسنا، وأننا لا نريد لـه ولا لأحد من البشر إلا الفوز برضى الله والسعادة في الدنيا والآخرة.
أما الحساب الكامل والقصاص العادل، فإنما يكون يوم القيامة بين يدي الله الذي سيحاسبنا جميعاً على ما عملنا من خير أو شر، وهناك لا تنفع الدعاوى: ((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً))[النساء:123].
إنها كلمة سواء نلتزم بها من طرف واحد، ونأمل أن يكون لدى الطرف الآخر من الشجاعة ما يجعله يلتزم بها أو يحاول...
                                                                                                            المؤلف