المادة    
السؤال: نرجو أن توجه نصيحة إلى الآباء بتخفيض المهور ليتمكن الشباب من الزواج، وكذلك الرد على كل أب يريد من ابنته أن تكمل دراستها في الجامعة قبل أن تتزوج.
الجواب: نحمد الله سبحانه وتعالى أنه قد وجد في مجتمعاتنا من الفتيات المسلمات من تستنكر المغالاة في المهر، ومن تريد أن تعف نفسها وتحفظ دينها، وذلك بقبول الرجل الصالح حتى لو لم يكن يملك من الدنيا إلا ما يقيم أوده، وحتى لو لم يدفع ذلك المبلغ المغالى فيه، ولو لم يملك الشقة الفاخرة ولا السيارة الفاخرة، وهذا من بشائر الصحوة، ومن الدلائل على أن مجتمعنا يسير في طريق الخير.. إن استمرت هذه المسيرة وعمت وانتشرت.
وإني من هنا أنصح الآباء وأنصح نفسي نصيحةً لوجه الله تبارك وتعالى -كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يبحثوا عن الشاب المتدين، وألا يشترطوا إلا ما يقيم الحياة على الوجه المتيسر، وذلك بالحد الأدنى من السيارة أو الشقة أو العمل، وأن ييسروا سبل الزواج، فوالله أيها الأب لأن تتزوج ابنتك شاباً فقيراً وتنفق عليه وعليها من جيبك، خير ألف مرة بل مليون مرة من أن ترتكب ابنتك -والعياذ بالله- فاحشةً؛ فيبقى عارها متلبساً بك إلى الأبد.. فاحذروا أيها الآباء‍.
وأما ما يتعلق بالدراسة، فمن الذي قال: إن الشباب يفضلون الزواج من الفتاة الجامعية؟ ألا تقرءون الصحف؟! فإن الواقع يثبت أن كثيراً من الشباب يعزف عن الزواج من الجامعيات؛ لأنه يفضل الفتاة الأقل سناً وعلماً.. التي لا تجادل ولا تماري، فالقوامة التي جعلها الله تعالى للرجل، إنما تتحقق إذا كان أعلى من المرأة حتى فكرياً، فإذا كان الشاب جامعياً والشابة جامعية فهما ندان، وهذا مما يضعف القوامة، ونحن لا نقول هذا من باب النهي عن مواصلة البنات المسلمات للدراسة الجامعية، لكن كما قلت: الأصل شيء، والاستثناءات شيء آخر، والأصل هو: أن تتزوج الفتاة مع سن البلوغ.
كان الأحنف بن قيس من أحلم العرب، وجيء له ذات يوم بابنه مقتولاً، وقد قتله ابن أخيه، وكان الأحنف محتبياً فما فك حبوته -وهذا من حلمه- وهو يرى ابنه ميتاً أمامه، بل قال لابن أخيه: لقد قتلت أخاك -أو ما أشبه ذلك- كما أنه كان معروفاً بالأناة، فذكر له ذلك ذات يوم، فذكر أنه رغم أناته فإنه يعمد إلى التعجل في ثلاثة مواضع: أولها تزويج البنت إذا بلغت، و تجهيز الميت، والضيف إذا نزل.
الشاهد: أنه ليس هناك مفر من أمر الله، ولا مندوحة من السنن الطبيعية التي أوجدها الله، وهي: أن الفتاة بمجرد أن تبلغ -أي تحيض- فإنها مستحقة للزواج، فمتى تقدم الشاب الكفء المتدين وجب زواجها، وحرم الرفض، وعليه فلا يجوز التعلل بإكمال دراستها الجامعية، لأن ذلك قد يؤدي إلى أن يفوتها قطار الحياة -كما يقولون- وتبقى عانساً بقية حياتها.