صدر قرار في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الستينات بأن الرجل والمرأة إذا كانا يعملان في مكان واحد وفي عمل واحد، فيجب أن يكون أجر المرأة مساوياً لأجرة الرجل.. ما شاء الله! الآن تذكرت أرقى دولة في العالم أن نفس العمل ونفس الوظيفة ونفس الشهادة، لابد أن يكون لها نفس الأجر.
إذاً: هم يطالبون بالتحرر لأن واقعهم هكذا، ومع ذلك فمنذ ذلك الحين لم يطبق هذا القرار، فالشركة التي تريد أن تبتز المرأة تجعلها تكتب إقراراً على نفسها بأنها تقبض مثل الرجل وفي نفس الوقت نكتب إقراراً آخر بأنها لا تقبض إلا أقل من الرجل، وأنها تتعهد بألا تطالب الحكومة بأي حقوق، وأنها لن ترفع دعوى ضد الشركة، وهذا هو المعمول به.
وليست هذه المظالم الكبيرة التي تنزل بالمرأة الغربية لأنها امرأة.. أنشئت الجمعيات النسائية، التي تطالب بحقوق المرأة بشكل جماعي؟
والأحزاب السياسية في الغرب تستغل قضايا المرأة للفوز في الانتخابات، فإذا أراد حزب الأحرار أن يفوز في الانتخابات قال: إذا فزنا في الانتخابات فسنعطي المرأة كذا وكذا، فتصوت معه النساء، فإذا كسب الانتخابات تنكر لقضايا المرأة وأصبح مثل حزب المحافظين، وكذلكم في فرنسا، وفي كل الدول يستغلون قضايا المرأة ليكسبوا الأصوات النسائية، فإذا حكموا تخلوا عما وعدوا به المرأة.
فهذه الجمعيات لم تؤد دورها، لكن كما يقال: بدلاً من أن تبكي وحدك اذهب إلى مأتم... فبدلاً من أن تبكي المرأة وحدها فإنها تدخل مع النساء في جمعية نسائية، فيبكين معاً ويتسلين بالمطالبة بتلك الحقوق، ولكنهن لم يجنين إلى الآن فائدة من المطالبة.
فالمرأة في الغرب مظلومة فعلاً، وحقوقها مهدرة، ولا تجد من يحميها، ففي أحد المؤتمرات ذكر كثير من المستشرقين أن الإسلام يظلم المرأة ويضطهدها، فقام الدكتور أحمد الشرباصي رحمه الله -راوي القصة- رافعاً يده حتى يرد على هذا الافتراء، فقاطعته امرأة كانت تشغل منصباً كبيراً في وزارة الثقافة الألمانية، فظن أنها تقاطعه لتؤكد ما ذهب إليه المتكلمون قبلها، إلا أنها ردت عليهم بقولها: أيها السادة! لماذا تنتقدون وتتهمون الإسلام لأنه يبيح تعدد الزوجات؟! ولماذا تنكرون عليه أنه يجعل المرأة زوجة رابعة؟! أنا أقبل أن أكون الزوجة الرابعة والثلاثين؛ بشرط أن أجد رجلاً يحميني من اللصوص ويؤويني إذا كبرت وعجزت عن إعانة نفسي.
فهذه هي المرأة الغربية التي يريدون للمرأة المسلمة أن تقتدي بها وأن تكون مثلها.
لكن الحركة النسائية الغربية دخلها الهدامون أيضاً، وأخذوا يقولون: نطالب بالمساواة في الأجور.. ثم قالوا: نطالب بالمساواة في الحقوق.. حتى بلغ بهم الأمر إلى المطالبة بحرية الإجهاض، وبمنع الزواج.. سبحان الله! أيعدون هذا من حقوق المرأة؟! ولهذا ظهرت حركات مضادة للحركة النسائية، تدعو إلى سيطرة الرجل، وإلى دوام تسلطه على المرأة، وأن المرأة لا يصح أن تولى أي شيء، ولا يصح أن تملك أي شيء، واستمر الصراع بين الحركة النسائية والحركة النسائية المضادة، والكل لا شريعة لديه ولا وحي يهتدي به، وكثرة الصراعات والآراء، وخرجت مظاهرات تقوم لصالح المرأة، إلا أنها لا نتيجة لها، وخرجت مقابل ذلك مظاهرات تقوم ضد المرأة يعمل الهدامون من ورائها، حتى أصبحت النساء يطالبن بالعودة إلى البيت، ويطالبن بأن يرجع إليهن شيء من كرامتهن التي كن يتمتعن بها في عصور الإقطاع، وأصبحن يترحمن على عصور الإقطاع القديمة؛ لأنهن الآن يعشن إقطاعاً من نوع بغيض كريه في ظل الحضارة الرأسمالية الغربية.
أما الدول الشيوعية فحدث ولا حرج عما تعانيه المرأة هناك من تسلط وظلم.
إذاً: لا عدل ولا رحمة ولا إنسانية إلا في شرع الله سبحانه وتعالى دينه.
وإن مما يجب أن نتحدث عنه هو: ماذا يريدون من إخراج المرأة المسلمة من بيتها ونزعها لحجابها؟ وما هي الأهداف التي يخطط لها دعاة ما يسمى بالتحرر؟