والتضرع إلى الله تبارك وتعالى -كما جاء في كتاب الله- هو باب من أبواب دفع العدو والعذاب الماحق، والله تبارك وتعالى ذكر لنا أمة عظيمة من الأمم خرجت عن القاعدة المعلومة بترك التضرع الذي ذكره الله تبارك وتعالى في أكثر من سورة من القرآن، خرجت عن ذلك إلى أن عادت وتابت في آخر لحظة: ((فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ))[يونس:98] فلما خرجوا يتضرعون إلى الله تبارك وتعالى وجأروا إليه، وعفروا خدودهم وثيابهم، وأصبحوا في حالة من الذل والانكسار والضعف بين يديه؛ رفع الله تبارك وتعالى عنهم العذاب، بخلاف ما لو قارنا مثلاً بقوم عاد: ((فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا))[الأحقاف:24].
فرق كبير جداً بين أمة استشعرت قوة الله وشدة بأسه وعظمته وجبروته، وبين أمة عتت واستكبرت وقالت: من أشد منا قوة، حتى عندما ترى العذاب، وعندما يحيق بها.
هذه الحالة في الحقيقة هي حالة مشتركة، وهي من أعجب الحالات أنها مشتركة بين الأفراد والأمم، فالأمة تحتاجها والفرد يحتاجها، فلو أن أمة أهملتها وفيها أفراد تضرعوا ولجئوا وأنابوا واستغفروا، فهم بين حالين:
الحالة الأولى إما أن ينجيهم الله تبارك وتعالى، كما كان الشأن في الأمم التي قبل هذه الأمة وهي أمم كثيرة، كان ينجي الله تبارك وتعالى الذين آمنوا، ينجي الذين ينهون عن السوء ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
والحالة الثانية هي: حالة أن يعاقبوا جميعاً ولكن يبعثون على نياتهم، كما لو حدث زلزال أو طوفان أو حرب عامة، تحيط بالجميع، لكن يبعثون على نياتهم، ومن هنا تأتي ضرورة استحضار نية التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.