مقاطعة البضائع الأمريكية وأثرها في الواقع
السؤال: سمعنا في بعض وسائل الإعلام أن بعض المحلات والمطاعم الأوروبية قاطعت المنتجات الأمريكية تعبيراً منها لرفضها للحرب على دولة مسلمة، رغم أن تلك الدول الأوروبية كافرة، فهل تجار المسلمين يقومون بمثل هذا الدور، فيقومون بمقاطعة المنتجات الأمريكية؟
الجواب: هذه حقيقة يا إخوة، ففي ألمانيا وفرنسا ودول أوروبية كثيرة، وفي أستراليا أيضاً وفي عدة دول: قوطعت البضائع الأمريكية؛ لأنهم علموا أن أمريكا دولة ظالمة، ورأوا الهيمنة والاستكبار والاستبداد والطغيان، والله تعالى فطر بني الإنسان كلهم على محبة العادل وبغض الظالم، وهذا كنز ثمين لنا نحن المسلمين؛ لأنه مادام الله حبب لنا قلوب هؤلاء في العدل فعلينا أن نريهم عدل الإسلام، وبغض إليهم الظلم فعلينا أن نريهم ظلم هؤلاء المجرمين، ونكشف لهم عن حقيقة أمريكا وإسرائيل، فنحن أولى بذلك.
وأنا أقول شيئاً مهماً فيما يتعلق بالمقاطعة: لا بد أن نضع لها ضوابط، ولا بد أن توضع لها دراسة، والحمد لله ما هو موجود الآن لعله مبني على شيء من هذا، نرجو الله أن يوفق الإخوة القائمين فيه على ذلك، بمعنى آخر: المقاطعة ليست أن نترك المباح، تشرب مثلاً هذا العصير وهو من إنتاج دولة كذا مباح، أول ما يجب علينا أن نفعله ونضغط بقوة هو مقاطعة الحرام، الحرام الأمريكي يملأ البلد؛ لأنه حرام ولأنه مقاطعة، بنوك أمريكية وتعاملات ربوية أمريكية نلغيها، والدخان الأمريكي، وأي دخان ضار، لكن نبدأ بالسجائر الأمريكية، وهذه وحدها مليارات مع الأسف، لو تطلع على الإحصائيات لا تصدق كم نقدم للشركات في السيجارة فقط، ثم الأفلام الأمريكية، الفضائيات التي تعيد بث الإعلام الأمريكي والقنوات الأمريكية علينا أن نقاطعها جميعاً، نلغي كل الاشتراكات فيها، والصحافة والإعلام الأمريكي الرديء نقاطعه.
ثم المكروهات مثلاً، ثم في النهاية أو في الأخير ننتقل إلى المباحات، حتى تكون خطواتنا شرعية، وحتى لا يلومنا لائم ويقول: أنا آتي ببضاعة أمريكية حلال وأبيعها حلال، أو شخص يقول: أنا لي النسبة .. أنا اشتريت الاسم من شركة أمريكية وليس لي إلا نسبة معينة، وإذا قاطعتموني أنا أتضرر، هذا ممكن يقع، حتى ممن يبذل للخير.
ثم أنتقل إلى هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام بعد أن نكون قضينا على المحرمات ثم المكروهات ونقول: المسألة ليست نصاً من كتاب الله، بل المسألة مصالح ومفاسد، فإذا كانت وكالتك لشركة أمريكية تجعلك إما أن نقاطعك فتخسر وإما أنه لا بد أن يكون هناك أناساً يشترون، فنحن نقول: أن نوقف مقابل شيء فهذا ممكن، فيمكن إذا كفل مشروعاً تعليمياً أو دعوياً في فلسطين أن يرفع اسمه من المقاطعة، وهذه ليس فيها شيء، فإذا قال شخص: لماذا فلان لم تقاطعوه؟ نقول: والله فلان تكفل لنا بمائة ألف طفل في فلسطين، فإذا كفلت مائة ألف طفل نستبعد اسمك أيضاً، فهذه يمكن تكون قابلة للتفاوض، حتى فرنسا وألمانيا نقول لهم هكذا، إذا أنتم فعلاً جادين فنحن يمكننا أن نقاطع البضائع الأمريكية ونضع بضائع ألمانية، لكن مقابل ماذا؟
نريهم أننا نفهم ونعقل، ونعرف العدو والصديق ونقدر المواقف، لكن بعض الناس عندهم كلها سوداء فاشطبها، أو بيضاء فأحبها، وهذا غير صحيح، يجب أن نريهم أننا نعرف ونقدر، وهذا يجعله إذا كان ممن هم ضد الحرب وضد العدوان يثبت أكثر فأكثر ويكون معنا، وعلى كل حال لها آلياتها وليس هذا وقتها..