المادة    
السؤال: أرى التوجيه بأهمية العمل المؤسسي بدلاً من العمل الأحادي فلقد أثبتت التجارب أن العمل الأحادي يزول بزوال من قام عليه.
الجواب: نعم. نحن في جميع أعمالنا لابد من عمل مؤسسي ولابد من عمل مخطط، لا نريد الإغراق في التخطيط أيضاً، أو في المداولات أو في اللجان والتشكيلات، لكن لا بد فعلاً من ذلك، وتبدأ الأمور بالفكرة، إذا كانت الفكرة صحيحة، ثم وضعت لها خطة محكمة بقدر الإمكان، ثم وضعت آلية لتنفيذها، فإن شاء الله تبارك وتعالى تمضي هذه الأمور.
فلنجعل مثالاً واقعياً: نريد بالعمل أن ننصر ونعين إخواننا في العراق، ماذا نفعل؟ إذا كررنا مشكلتنا مع الاتحاد السوفييتي عندما سقط، وكل واحد منا ذهب وأخذ معه كيس دولارات ونزلنا من طائرة واحدة، وهذا يقول لهذا: خذ.. وهذا خذ.. ثم كما تعلمون فسد الموضوع كله، هذا خطأ لا يصلح، لا بد فعلاً من تخطيط وترتيب ومن إعداد مناسب لهذا:
أولاً: من ناحية الجهاد، نحن لا ينبغي أن نفتات على إخواننا هناك بأن نصطنع هنا راية معينة، أو ندفع بشبابنا إلى مكان معين، الإخوة هناك هم الذين يقررون كيف يجاهدون وهم أعرف منا، ونحن علينا أن نمدهم بما نستطيع بالوسائل التي نستطيع إن شاء الله، وبالطرق التي يمكن أن تصل إليهم.
ومن ناحية أيضاً العمل الإغاثي الطبي، نُكِّون عملاً مؤسسياً منظماً، وأبشركم أن هذا كان سيعلن اليوم، ولكن سيعلن قريباً إن شاء الله، وينبغي أن ننضوي جميعاً تحت هذه المؤسسات، وربما أن هذه المؤسسات قد بدأت، فقد حدثني بعض الشباب أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي قد شرعت في هذا، وجزاهم الله خيراً وكل المؤسسات الخيرية إن شاء الله.
المهم أن هناك شيئاً بدأ وسوف يبدأ بإذن الله تبارك وتعالى.
إذاً.. نحن علينا أن نجتهد في أن نستخدم هذه القنوات ونوسع مجال عملها من خلال خطة وأسس حتى لا تتكرر، فنوزع المناطق والأعباء والأعمال، ثم الجانب الأهم في نظري وهو الجانب الدعوي، أنا أرى أن نجند أنفسنا، كل شخص منا يهيئ نفسه أنه في هذا الصيف مثلاً أو في فترة من الفترات مستعد أن تضاعف جهدك، لا أريد أن أحداً من الإخوة يترك عمله الدعوي الذي في الحي أو في الجامعة أو في غيره، لا. إما أن تنيب أو تضاعف جهدك؛ لأن الأحداث تخرج الرجال، علينا أن نضاعف جهدنا، فلا نضيع الدعوة في بلادنا أو في بلاد أخرى، ولكن نضاعف جهودنا.
على سبيل المثال: إخواننا في فلسطين لا ننساهم؛ لأن العراق جاءت.
وهذه مشكلة إذا بقينا كذلك، كلما جاءت أزمة أو جرح نسينا ما قبله، لكن نعالج الجرح الأول ونستمر في علاج الجرح الآخر، فيجب أن نهتم بالدعوة وبكفالة الأيتام، وبدعم وتقوية الانتفاضة في فلسطين مثلاً، ثم نضيف إلى ذلك أعباء جديدة وعملاً جديداً فيما يتعلق بـالعراق، وننسق شئوننا في ذلك.
وبهذه المناسبة أذكر الإخوان بأن إخواننا في فلسطين وفقهم الله، هم الذين يصلون أشد أنواع العداوة من العدو، وهم الذين يقعون تحت الحصار الشديد، ولا يمكن أن تساوم أمريكا على وجود دولة إسرائيل، فلو رأت أمريكا أن تنسحب من العراق فإنها ستسحب وتقول: سلمناها إلى حكومة ديمقراطية وشعب العراق، وتبقى لها مصالح، وتذهب إلى أي مكان آخر، إلا فلسطين لا يمكن أن يخرج اليهود إلا بالقوة، ولا يمكن أن يتخلى اليهود والأمريكان عن عداوة هذا الشعب ومحاولة استئصاله.
فإذا كان ولا بد فاعلم أن ما تعطيه لإخوانك في فلسطين هو الذي يقمع ويضرب رأس الأفعى بإذن الله تبارك وتعالى، لو قضي على هذه الدولة الإجرامية الخبيثة أو على الأقل قضي على الليكود والمتطرفين في داخل إسرائيل لماتت أذناب الأفاعي في البنتاجون وواشنطن هناك، الإجرام كله ينبع من هذه الدولة الملعونة المرذولة؛ لذلك لا بد أن نقوي إخواننا هناك في فلسطين، وأن نستفيد من خبراتهم، ولعلكم رأيتم الكتيب الذي نشر بعنوان الانتفاضة والتتار الجدد وكيف تبين لنا أن أسباب هذا العدوان على العراق هو القضاء على الانتفاضة والحفاظ على أمن إسرائيل.
وفي نفس الوقت الشيء المهم جداً الذي يجعلنا أيضاً متفائلين: الجانب الإيجابي في موقف إخواننا المجاهدين في فلسطين، كيف استطاعوا ولله الحمد أن يغيروا مسار الأحداث بفضل الله تبارك وتعالى، وأن يقدموا أنواعاً من البطولات والتأثير والنكاية في العدو بحيث أصبحت هذه الدولة المجرمة إسرائيل بعد أن كانت أقوى دولة في المنطقة أصبحت الآن مهددة بأن تزول.
ومجيء أمريكا إلى العراق لا يحل المشكلة، وقبل ليالٍ ولعل من يفتح منكم ويدخل على المواقع العربية للصحافة الإسرائيلية يجد أن هناك من ينادي في إسرائيل ويقول: إن الورطة قد زادت، نحن الآن تورطنا أكثر، وأن مصير ومستقبل إسرائيل في خطر من هذه الانتفاضة المباركة.
فأقول: يا إخوان! لا ننس إخواننا هؤلاء، وقد طرحنا مشروعاً في المرة الماضية على بعضٍ منكم، ونطرحه الآن، وهو مشروع بسيط جداً في الكفالات، أول من نبدأ بكفالتهم هم طلاب حلقات التحفيظ من دون الثالثة والرابعة عشرة أكثرهم، كم كفالة الطالب الواحد لكي يحفظ القرآن ويعيش طول السنة في كرامة وعزة؟ (1500) ريال في السنة فقط! كم شخص منا يستطيع أن يقدم هذا ولله الحمد والشكر، هو وأهله وأقاربه والجماعة، لو هناك ألف طفل بـ400 ألف دولار أو أقل، هو مبلغ! ولكن تكفل به ألفاً بإذن الله تعالى، والله هؤلاء الألف الذين يحفظون كتاب الله ليغيرن وجه الدنيا إذا ربوا تربية مخلصة إن شاء الله، وإخوانكم كذلك بإذن الله تبارك وتعالى، ماذا يضر الشخص منا أو الاثنين أو الثلاثة أن يسهموا في هذا، فلنبدأ بهذا.
ثم إخواننا في العراق أيضاً لهم حق، فنعمل عملاً مؤسسياً ومنتظماً ومستمراً بإذن الله، واعلموا أنه ما نقص مال من صدقة، وهذه من الثلاث التي حلف وأقسم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {والله ما نقص مال من صدقة} والله إنه خير وبركة ونماء، ولا نقول: جرّب وأنت شاك، بل جرب وأنت موقن .. ادفع، واكفل ثم زد الدفع والكفالات فتزيد والله البركة، ويخلف الله عليك خيراً منها في الدنيا، غير الراحة والطمأنينة والأجر عنده تبارك وتعالى بإذن الله.