المادة    
السؤال: مجموعة من الأسئلة تسأل عن حديث السفياني، وما علاقته بـصدام حسين ؟
الجواب: خذ هذه القاعدة: عندما يكون الناس في أمر مهم تجد شخصاً مشغولاً ينعس في وادٍ آخر، وهذه مشكلتنا، ومشكلة كل الشعوب، نحن الآن في حرب وحزن وألم وفرح، بين التفاؤل واليأس، في واقعية شديدة جداً إلى حد أن تغوص في أعماق الأحداث، وتبحث عن أي شيء، فيأتيك شخص سرحان ويقول لك: هل هذا السفياني أم ليس هو؟ فإذا قلنا: مات أو اختفى قالوا: يمكن أن يعود.
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عندما دخل عليه عبد الرحمن بن ملجم ضربه بالسيف فقتله قال عبد الله بن سبأ الذي أنشأ وأسس دين الرافضة الدين الخبيث الموجود: والله لو جئتم بدماغه في صُرَّة ما صدقناكم! بل رفعه الله إليه، وهو في السحاب، وهذا الذي نسمع هو صوته، وسوف ينزل في آخر الزمان.
هذه عقيدة عبد الله بن سبأ في علي رضي الله تعالى عنه، ثم مع الزمن غيروا قليلاً قليلاً إلى أن قالوا: إن علياً مات، لكن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق لم يمت ولكنه ارتفع، حتى إن أباه أتى بشهود وأشهدهم على موته، وكتب في ذلك محضراً وأراهم القبر، واقتنع الخليفة بذلك، لكنّ الدجالين لا يقتنعون، فنشأت الفرقة الإسماعيلية وهي أخبث من الرافضة والشيعة، وهكذا، حتى جاء عام (261) فقالوا: هذا الإمام الحادي عشر سيولد له الإمام الثاني عشر، فما ولد، أو قالوا: ولد صغيراً ومات، فقالوا: لا. هذا عند الملائكة تربيه وتحتضنه ثم دخل السرداب وسوف يخرج، والخرافة ليس لها حد، العقل يمكن أن تضع له حداً لكن الخرافة لا تنتهي.
فكثير منهم يقول: هذا هو السفياني ثم اختفى.. ثم ذهب.. ومع الأسف بعض من كتب هذه الكتب أنا قابلته شخصياً وقلت له: يا أخانا الحبيب! -وكان زميلاً أو أستاذاً لنا- عندما تبني كتبك ومؤلفاتك على أن هذا الرجل صدام سوف يقضي على إسرائيل ويفتح القدس، وسوف يفعل.. فما رأيك إذا فتحنا الإذاعة يوماً من الأيام فقيل: إنه اغتيل أو مات، فكل كتبك وجهدك في هذه السنوات يذهب سدى، قال: لا. أنا واثق! فكررنا: يا شيخ.. يا دكتور!! لكن مع الأسف يا إخوان.
فهذا كتاب -مثلاً- من اسمه تنفر النفوس، عمر أمة الإسلام، من يعلم عمر أمة الإسلام إلا الله؟ ومن يقدر أن يحددها؟ فقال: (1419هـ) ثم قال: (1420هـ) وجاءوه وكذا.. فقلت لهم: هذا قريب، فقالوا: لا، لا، هو أصلاً خلال شهر سيقع خسف هنا وخسف هنا، ويموتوت، ثم شيء يضرب أمريكا فيخرج المهدي، يعني في أربعة أشهر يضغطون كل الأشياء، كل هذا كلام لا أساس له.
أقول: النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصدق القائلين، والذي لا ينطق عن الهوى، أخبرنا في الأحاديث الصحيحة أن المهدي مقترن بعيسى عليه السلام، ويصلي عيسى عليه السلام خلف المهدي -ولن أطيل عليكم ولكن خذوها بشكل مختصر- فعيسى عليه السلام يصلي خلف المهدي تكرمة من الله لهذه الأمة، وعيسى عليه السلام لا ينزل إلا بعد أن يخرج الدجال الأكبر الذي في آخر الزمان، فيقتل الدجال، وبعد أن يقتله يخرج يأجوج ومأجوج، ويحصرون عيسى ومن معه إلى الطور، فيسلط الله تبارك وتعالى عليهم الموت، ثم يأتي طير البحر فيأخذ جثثهم ويرميها في البحر، وهذه الأحداث كلها مترابطة، فما الذي يعقبها؟ يعقبها: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً))[الأنعام:158] وهو طلوع الشمس من مغربها، ولا يقبل توبة أحد بعدها، يغلق باب التوبة، وتخرج الدابة تختم، وانتهى كل شيء.
متى يقع هذا؟
عندكم أقرب مثال: صحيح مسلم، أو اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان مثلاً أو بعض كتب الفتن المنضبطة الصحيحة الموجودة، في هذه كلها لا تقع هذه الأمور إلا بعد أن تفتح القسطنطينية وبعد أن تفتح روما، وبعد أن يعم الإسلام الأرض، والصريخ المنادي ينادي لكي يثبط عزائم المسلمين وهم يحاصرون القسطنطينية أو روما ويقول: إن الدجال قد ظهر، وهو كاذب أول الأمر، ثم يكون صادقاً فيما بعد، فهذه الأحداث كلها لم تقع، وليس هذا وقتها الآن، وربما -والله أعلم- نحتاج إلى أجيال حتى تسلم أوروبا، وحتى يأتي طائفة من بني إسحاق فيقاتلون معنا ويحاصرون معنا روما، وحتى يبلغ الإسلام ما بلغ الخف والحافر، وما بلغ الليل والنهار، ثم تلك الأحداث تأتي متلاحقة في آخر عمر الأمة حقيقة.
لكن كيف يفتري شخص على الله ويقول: إن عمر أمة الإسلام قد انتهى! وأن هذا المهدي وهذا السفياني وهذا فلان.. ونظل حقيقة في ضياع أوقات وجهود، وانتهاء بما لا يتعبد به، فنحن تعبدنا بأن نعمل ونصمد، وكما جاء في الحديث: {إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها} إذا قامت القيامة ما فائدة أن يضع النخلة؟ إذا كان هذا في النخل فهل الجهاد أعظم أم لا؟
إذا قامت الساعة وبين يديك كافر فاضربه ولا تقل: قامت الساعة، أولى من أن تغرس نخلة، لكن هذا دليل على أن الله عز وجل يريد منا أن نعمل، لا نتلهى ونقول: خرج هذا ولم يخرج هذا، ثم اقرءوا في كتب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتاب منهاج السنة النبوية يقول من قرون: -وهو في الوسط بيننا وبين الإسلام توفي في عام (728هـ) رحمة الله عليه- يقول: كل مرة يظهر في كل منطقة: من يدعي أنه المهدي أو يُرى أنه المهدي، وتتكرر المشكلة والأحداث، وتتكرر المأساة، ولكن لا نعتبر.