إذا جئنا إلى مبحث العرش والكرسي، فما هي أقوال أهل البدع فيه؟
أما
أهل السنة والجماعة فقد عرفنا قولهم، وسنذكره -إن شاء الله- بالتفصيل، وأما الفرق الأخرى فقد ألمح إليها المصنف رحمه الله هنا، فـ
الفلاسفة و
المتكلمون المتأثرون بهم يقولون: إن العرش هو الفلك الأخير، أو الفلك التاسع، أو الفلك الأطلس، فيؤولون عرش الرحمن الذي وردت صفاته في الكتاب والسنة، ويؤمنون بهذا الذي يسمونه الفلك الأخير أو الفلك التاسع أو الأطلس، ويقولون: إن كلامهم هذا إنما هو محاولة منهم للتوفيق بين كلام رب العالمين الذي أنزله في القرآن، وبين كلام
أرسطو وفلاسفة
اليونان، وسر ذلك أن القوم أخذوا بالحكمة والفلسفة، وقالوا: لا تعارض بين الحكمة وبين الشرع، لكن الشرع يأتي بأساليب خطابية وألفاظ يعرفها العامة ويعرفها العرب في عصرهم، أما الحكمة والفلسفة فتأتي بأساليب برهانية وقواطع جدلية، وكذلك تأتي باصطلاحات أهل الهيئة -وبتعبيرنا المعاصر: اصطلاحات علمية- فيقولون: ما سماه الأنبياء العرش هو الذي سماه الحكماء الفلك التاسع أو الأطلس، وهذا الذي سنرد عليه إن شاء الله، فهؤلاء
الفلاسفة -كثير منهم- ليسوا من الإسلام في شيء.
وهناك طائفة من
المؤولة يقولون: العرش هو كناية عن الملك، أو معناه الملك، فليس لله تعالى عرش ولم يستو على العرش، أما قوله تعالى: ((
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ))[الرعد:2] فمعناه عندهم: استولى على الملك، واستقر ملكه وثبت، وهؤلاء هم
أهل التأويل.