انظروا! كيف جمع الله تبارك وتعالى قلوب أهل الخير والحق والعدل في العالم كله ليقفوا معنا ونحن لم نطلب منهم ذلك، ولا دعوناهم، بل إن أكثرنا ممن يملك الرأي والكلام والتأثير تجده مع العدو والعياذ بالله، لكن يريد الله سبحانه وتعالى أن يرينا أنه يريد بنا خيراً، وأن هذه الأمة إلى خير، فيجتمع الرأي العام العالمي من شرق الدنيا وغربها، ومن داخل
أمريكا و
بريطانيا نفسها ليرفض هذا العدوان وهذه الحرب، ويقولون: ما ذنب المسلمين؟ ماذا فعل بنا المسلمون؟ لماذا الإقدام على هذا العدوان؟ ولماذا الكيل بمكاييل ومعايير مزدوجة؟ ولماذا الانتقاء في الأعداء؟ تتركون أعداء مكشوفين يتحدوننا ويخرقون القوانين الدولية وتبحثون عن أي شيء لدى أي مسلم وعن أي علة وتجعلونها قضية كبرى؟!
هكذا يقول الآن أهل الحق وأهل العدل، وأنا أعتبر هذا -وإن شاء الله أذكركم به فيما بعد- من الممهدات والمبشرات لينتشر الإسلام في الأرض، وليعي الناس الحقيقة، ويقولون: لم هذا الحقد؟ لم هذا الحسد؟ لم هذا الطغيان والغطرسة والكبر على أمة لم تؤذهم بشيء؟ وإنما هي المظلومة والمهاجمة والمعتدى عليها في التاريخ الحاضر بالذات وفي التاريخ القديم كله.
فهذه مبشرات ولله الحمد ما كنا نتوقعها، حتى قال بعض الإخوة: تأملت فوجدت أن الانهيار السياسي والمعنوي في المواقف الصليبية
الصهيونية بدأ يتضح جداً ابتداءً من يوم عرفة، من ليلة عرفة وهم في انحدار ونزول وتمزق وتشتت، وأعداؤهم يتكاثرون عليهم حتى من داخل بلادهم، وهذا من فضل الله ومن فضل الدعاء.. دعاء الصالحين في هذا المقام العظيم، تلك الدموع لا تذهب هدراً، تلك المناجاة والضراعات إلى الله تبارك وتعالى لا يضيعها الله تبارك وتعالى.
فما علينا إلا أن نفرح بنصر الله، ونثق بوعد الله، ونبث هذا في الأمة دائماً.
لا يجوز أن يتطرق اليأس إلى قلوبنا، ولا أن يهيمن أو يسيطر علينا أعداؤنا نفسياً؛ فننهزم قبل أن يأتوا إلينا وقبل أن يغلبونا في أي ميدان من الميادين.
أضرب مثالاً آخر ولا أطيل فالأمثلة كثيرة جداً: كنا نعتقد ويعتقد العالم أن هذه الدول الكبرى المتغطرسة لديها من الأجهزة الدقيقة والتصوير والاستخبارات شيء يفوق الخيال، حتى كان الناس يظنون أنه من الممكن أن يسجلوك أو يصوروك في أي مكان، حتى في الإعلام عندنا يكتب ويقال: إنهم يعرفون رقم سيارة أي شخص، ورقم فنيلة أي شخص!! والكثير يصدقون هذا الكلام، فعندما اشتدت الأزمة في
مجلس الأمن وقال الأمريكان: لدينا أدلة مثل الجبال -وتذكرون هذه العبارة- قالوا: عندنا جبل من البراهين، وجبل من الأدلة، فماذا قدموا ولديهم المليارات والأجهزة وكل شيء؟ قدموا بحثاً صغيراً، ويكتشف أن هذا البحث كتبه طالب في
العراق قبل أكثر من عشر سنوات، وتصبح مسخرة وأضحوكة أمام العالم كله، وهذا الطالب أتوا به في عدة مقابلات في عدة محطات عالمية يقول: حتى الأخطاء المطبعية أتوا بها، وهم أمريكان وبريطانيون، فأين الدراسات؟ وأين المراكز؟ أين الاستخبارات؟ أين البراهين والإثباتات؟
يريد الله تعالى أن يرينا -وما أكثر ما يفتح الله بهذه الأمور- حتى نستيقظ ونعي، ونرى كيف أن هؤلاء أحقر وأذل على الله تبارك وتعالى من أمثالهم من حشرات الأرض، لو كنا أمة حقاً على الجهاد وعلى التقوى وعلى الإيمان والدعوة إلى الله تبارك وتعالى على منهاج النبوة، والله لرأينا العجب العجاب.