المذيع: يسلط الضوء على أقل حركة عنف موجودة في العالم الإسلامي، والعنف الذي نراه كما قلت قبل قليل في السؤال عياناً بياناً.
الشيخ: يقول العرب: (رمتني بدائها وانسلّت) والعرب عندهم هذا المثال لمن يفعل جريمة ثم ينسبها إلى الآخرين، النفسية الأوروبية أو الحضارة الغربية عموماً تعاني إشكالية أو أزمة عنيفة بين قيم العدل والحق التي أودعها الله عز وجل في الضمائر، وكل النفوس مفطورة على حب العدل والصدق، وموجود في داخل ضمائرهم نوع من التأنيب، وكذلك كلام من يعظ أو يتحدث أو يقاوم ذلك، والشاهد على ذلك منظمات كثيرة لحقوق الإنسان، ودعاة عدل كثيرون.
بين هذا وبين واقع لا يمكنهم عملياً إلا أن يفعلوه وهو الظلم والبطش والتسلط.
المذيع: لماذا؟
الشيخ: من هنا نقول: عندما أرادوا أن يتحدثوا عن هذه النفسية، يعني هناك نوازع ودوافع، مثلاً: هل القضية هي قضية أن الرهبانية التي كبلتهم جعلتهم يندفعون في العنف إلى مدى أبعد من غيرهم من الأمم؟
على سبيل المثال: هم في كتبهم وإنجيلهم يقرءون: (من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، ومن نازعك في ردائك فأعطه الإزار أيضاً، ومن سخّرك ميلاً فامش معه ميلين).
عندما ارتدوا عن هذا الدين كأنما يريدون زيادة نهم، وهذا يأتون به أيضاً في الناحية الجنسية، لماذا؟ لما كانت الرهبانية تكبت هذه الغريزة وتجعل حتى الزواج عملاً غير نظيف، أو غير مشروع، أو يترفع عنه رجال الدين، العمل مشروع لكن لرجال الدين..... إلخ، هذا أدى إلى أن النفسية الأوروبية عندما اقتحمت هذا المجال لم تشبع ولم ترتو، لا من حب المال، ولا من حب الانتقام، ولا من حب الجنس، ولا من أي شهوة، هذا أحد ما يعلل به ... أنا أتكلم عما يعلل به الغربيون أنفسهم.
فهناك مثلاً نعوم تشومسكي الكاتب الأمريكي المشهور، وهو يهودي، وهو من أشهر الكتاب في العالم في اللغويات وغيرها، يقول: إن هذه القضية متجذرة ومتأصلة في النفسية والحضارة الغربية منذ القدم؛ بحيث لا يمكن أن تنتزع.
يقول على سبيل المثال: لا يوجد دولة في العالم حكمت عليها محكمة العدل الدولية في لاهاي بأنها دولة إرهابية إلا الولايات المتحدة الأمريكية، وله كتاب مشهور: ماذا يريد العم سام؟، وكتب غيرها كثير لكن لشهرته هو.
مثلاً: عندما يكون هناك حرب، بعد الحرب العالمية الثانية، ولا بأس أن نعرج عليها مثلاً، الفظائع التي ارتكبت فيها لا يمكن أن تتخيل ولم يقع لها ولا قريب منها بأي شكل من الأشكال في ظل الحضارة الإسلامية، القتلى يقاربون ثمانين مليون نسمة، عدد خيالي! الأسلحة النووية لأول مرة في التاريخ تُعرف، تدمير المدن، بدأ هتلر بتدمير المدن البريطانية، لكن كان الرد العنيف بتدمير المدن الألمانية -لا الجيوش الألمانية- بطائرات الحلفاء جميعاً إلى حد يثير العجب.
بعد ذلك كانت الحرب الكورية، يعني أصبحت هناك نزعة اعترف بها الرئيس ترومان، وهو أنه لابد لنا من حرب كل سنتين أو ثلاث أو أربع، أي رئيس أمريكي لا بد له من حرب لتنمية الدولة، ونهوض الاقتصاد... أي: أصبح العنف والإرهاب له شرعيته أو له تخطيطه.
المذيع: لكن هل العداء هنا ركز على المسلمين فقط؟
الشيخ: عندما تقول: إنها مشكلة نفسية متأصلة؛ فهي في الحقيقة تتجه إلى المخالف، لكن عندما نأتي إلى العالم الإسلامي نزيد عن كونه مخالفاً أنه ند، والندية مشكلة، فهو ند قديماً وند حديثاً.
المذيع: ند في ماذا؟
الشيخ: كحضارة، أي: الند المباشر.