المذيع: ذاك حسب مفهومي يا دكتور سفر كان استعماراً واحتلالاً، لا نتكلم عن حكام من بني جلدتنا، ويأتي عنف من بني جلدتنا ضد حكامنا... أنت ذكرت عمر المختار وابن باديس، وهؤلاء الأفذاذ كانوا يحملون مقاومة لإخراج المستعمر من بلادهم...
الشيخ: أوضح لك أكثر: الذين حاربوا الاستعمار في داخل أوروبا، من يقاوم الألمان فهو جدير بأن تكرمه الأمة وتعظمه وأن يقودها، من قاوم الزحف الروسي مثلاً.. من قاوم نابليون ... كل عدوان وقع داخل أوروبا فمن قاومه فهو أجدر الناس بأن يقود الأمة وأن تلتف حوله الأمة، إلا في العالم الإسلامي، فمن قاومه فهو الذي يعاقب، ويضطهد، وتكون نهايته النكال، حتى لو كان عن طريق الديمقراطية مثلاً كما حدث في الجزائر، فتصادر إرادة الشعب والأمة، ويصادر ذلك من أجل أنه قائم على الدين، وتصرح كثير من دول العالم الإسلامي بأنه لا مكان للدين في السياسة ولن نسمح بقيام حزبٍ ديني.
فعندما يكون الاضطهاد والقهر إلى هذه الدرجة، وتكون هذه هي النتيجة، فعليك أن تتوقع أن يندفع الطرف الآخر وتكون هناك مشكلات لا يقرها العمل الإسلامي الذي ينتهجه أهل السنة والجماعة.
في الجملة التبرير واضح، نحن لا نقر ما يحدث من غلو، حتى ولو لم يستخدموا العنف، نحن نرفض الغلو وإن كان في الاعتقاد أو في العبارة، وإن كان في إصدار الأحكام كتابياً، نحن نرفضه في منهج أهل السنة والجماعة، لكن كلامنا هو: لماذا جاء؟
إذاً: لابد أن تكون القضية واضحة، وأن نتعامل فعلاً بواقعية وبعدل من أجل هذه المشكلة الداخلية، والقضية الكبرى لم تعد هذا، فهذه المرحلة حقبة لعلها انتهت، وأصبحنا الآن في مواجهة الحضارتين: في مواجهة الغرب بقواه وحضارته وعنفه، وبإرهابه وتسلطه الذي لا نجد له نظيراً على الإطلاق في واقعنا الإسلامي.