الشيخ: أنا لا أدري لماذا تصر على أن نعود..؟
لكن على كل حال لنرجع إلى القضية، إذا أردت أن تعرف حقيقة أي مشكلة فخذها من أولها، قبل أن توجد هذه الأنظمة الشمولية والأحزاب الديكتاتورية، والحكومات التي تصر على أنها مستبدة، بل نحَّت شريعة الله ولحقت بركب الطاغوت الغربي حضارة وثقافة وتطبيقاً وممارسة.
أنا قلت: قبل ذلك كانت حقبة واضحة في تاريخنا الإسلامي؛ واضحة مكشوفة، وهي حقبة الاستعمار، عندما كان الاستعمار جاثماً على أكثر بلاد العالم الإسلامي كانت القوة -ولا نقول: العنف- كانت القوة والجهاد والمقاومة المشروعة موجهة ضده، هذا الاستعمار لم يستطع أن يسيطر على الأمة التي قامت بمقاومته باسم الإسلام وباسم الدعوة، ووجدت حركات وجماعات إسلامية في كل بلاد العالم الإسلامي قاومته، لم يقاومه في الحقيقة أي تنظيم أو حزب آخر إلا شعارات تكون أحياناً محدودة.
فمثلاً: خذ المغرب حركة إسلامية، الجزائر حركة إسلامية يقودها عبد الحميد بن باديس، ثم انتقل إلى عمر المختار في ليبيا، ثم انتقل إلى حركة الإخوان في مصر، وكل هذه البلاد حتى في الصومال .. الدعوة الإسلامية وعلماء المسلمين على اختلاف الحركات وتنوعها هم الذين جاهدوا وقاوموا فاستخدموا العنف المشروع -إن صح التعبير- أي: المقاومة المشروعة، والجهاد ضد هذا المستعمر.
إذا انتقلت عشر سنوات بعد الاستعمار تجد من بقي منهم حياً في السجن، أو تجد أنهم محاصرون، وجاءت فئة علمانية وبتأييد من المستعمر تريد أن تصادر مكتسباتهم، وتفرض على الأمة عقيدة لم يجاهد من أجلها، لم يجاهد في الجزائر، ولا في المغرب، ولا في ليبيا، ولا في مصر من أجل الاشتراكية أبداً، هم قاتلوا لإخراج المستعمر، وإذا بالبلاد تحكم بنظام غريب على دينها وعلى عقيدتها، وإذا بأولئك المجاهدين يقبعون في السجون، وإذا وصلوا إلى السجن من هنا تبدأ الأفكار، ويبدأ الغلو والتطرف وتبدأ مشكلات لا حصر لها.