ومِن أكابر مَن أحيا طريقةَ ابن عربي ومذهبه في وحدة الوجود المدعو يوسف الكوراني الملقب العجمي، تحدث عنه الشعراني، فقال -ضمن ترجمته-: لما ورد عليه وارد الحق بالسفر مِن أرض العجم إلى مصر، فلم يلتفت إليه، فورد ثانياً -وارد في قلبه- فلم يلتفت إليه، فورد ثالثاً، فقال: اللهمَّ إن كان هذا واردَ صدقٍِِِِِ فاقلب لي عينَ هذا النَّهر لبناً حتى أشرب منه في قصعتي هذه! فانقلبَ النَّهر لبناً وشرب منه ثم ذهب إلى مصر.
وله حكاياتٌ كثيرةٌ ننقل منها واحدة فقط، لتَعلموا حقيقة هؤلاء القوم -ومعهم ابن عربي وأمثاله- يقول: كان رضي الله عنه إذا خرج مِن الخلوة يخرج وعيناه كأنَّهما قطعة جمرٍ تتوقد، فكلُّ مَن وقع نظره عليه انقلبت عينُه ذهباً خالصاً، ولقد وقع بصره يوماً على كلبٍ فانقادت إليه جميع الكلاب إن وقف: وقفوا، وإن مشى: مشوا!! فأعلموا الشيخ بذلك، فأرسل خلف الكلب وقال: "اخسأ"! فرجعت عليه الكلاب تعضه حتى هرب منها.
ووقع له مرةً أخرى أنَّه خرج مِن خلوة الأربعين فوقع بصره على كلبٍ فانقادت له جميع الكلاب، وصار النَّاس يهرعون إليه في قضاء حوائجهم، فلمَّا مرض ذلك الكلب اجتمع حوله الكلاب يبكون! ويظهرون الحزن عليه! فلمَّا مات أظهروا البكاء والعويل وألهم الله تعالى بعض النَّاس فدفنوه، فكانت الكلاب تزور قبره حتى ماتوا!
يقول الشعراني: '' فهذه نظرة إلى كلبٍ فَعلت ما فعلت فكيف لو وقعت على إنسان؟! ''.
وحكاياتهم عن الكلاب وأنَّها من الأولياء كثيرة، منها: أن رجلاً اسمه "علي صاحب البقرة"، يقول النبهاني: كان له بقرة يحرث عليها فأراد أن يحلبها في بعض الأيام، فقالت له: يا شيخ علي إمَّا حليب، وإما حراثة فأتى بِها فاستنْطقها عند أهل القرية، فقالت مثل المقالة الأولى، فقال لها: اذهبي فلا حليب ولا حراثة، ثم سقط ميِّتاً، وسقطت هي أيضاً، فدفنا في محلٍ واحدٍ، وقبرُهما مقصودان للزيارة، وقد زرناهما في غير هذه المرة مع زمرة مِن الإخوان، وحصل لنا الحظ التام، وذكرنا الله تعالى عندهما برهة مِن الزمان!
يعني: الشيخ والبقرة، فمن أوليائهم الكلاب ومن أوليائهم الأبقار!!