وهذا المدعو محمد بهاء الدين نقشبند، إمام وشيخ الطائفة النقشبندية، يذكرون مِن كراماته أنَّه قال: '' خرجتُ يوماً أنا ومحمد الزاهد إلى الصحراء، وكان مريداً صادقاً، ومعنا المعاول نشتغل بها، فمرت بنا حالة أوجبت أن نرمي المعاول ونتذاكر في المعارف، فما زلنا كذلك حتى انْجرَّ الكلام معنا إلى العبودية، فقلت له: تنتهي -أي: العبودية- إلى درجة إذا قال صاحبها لأحدٍ " مُتْ " مات في الحال، ثم وقع لي أن قلت له ساعة: إذ مُت، فمات حالاً! واستمر ميِّتاً مِن وقت الضحى إلى نصف النهار، قال: فازددت قلقاً إلى وقت إذ قلت له: يا محمد ! احيا -أي: قيل له: قل يا محمد احيا- فقلت له ذلك ثلاث مرات، فأخذتْ تسري فيه الحياة شيئاً فشيئاً، وأنا أنظر إليه حتى عاد إلى حاله الأولى ''.
وينقلون عن نقشبند أيضاً '' أنَّه دعاه بعضهم في بخارى، قال للمولى نجم الدين -من تلاميذه-: أتمتثل كلَّ ما آمرك به؟ قال: نعم، قال: فإن أمرتُك بالسرقة تفعلها؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: لأنَّ حقوق الله تكفرها التوبة، وهذه مِن حقوق العباد، قال: إن لم تمتثل أمرنا فلا تصحبنا! ففزع المولى نجم الدين فزعاً شديداً وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأظهر التوبة والندم، وعزم على أن لا يعصي له أمراً -أي: حتى ولو كان معصية- قال: فرحمه الحاضرون، وشفعوا له عنده، وسألوه العفو عنه، فعفا عنه '' انظروا إلى هذا التحكم.