المادة    
قال الإمام الطحاوي رحمه الله:
[فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً، وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً، وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً].
قال ابن أبي العز رحمه الله:
[اعلم أن القلب له حياة وموت، ومرض وشفاء، وذلك أعظم مما للبدن، قال تعالى: ((أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا))[الأنعام:122] أي: كان ميتاً بالكفر فأحييناه بالإيمان، فالقلب الصحيح الحي إذا عرض عليه الباطل والقبائح نفر منها بطبعه، وأبغضها، ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت، فإنه لا يفرق بين الحسن والقبيح، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر]] .
وكذلك القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه].

الشرح:
بعد أن تحدث المصنف ومن قبله الإمام أبو جعفر الطحاوي -رحمهما الله ونفعنا بعلمهما- عن القدر وسائر التفصيلات التي سبقت، ختما هذا الباب بهذه الفقرة وهي فقرة عظيمة في بابها، ولا تعود فائدتها إلى باب القدر وحده، بل إلى كل الأبواب، ويحتاجها الإنسان في حياته جميعاً، فقال الإمام أبو جعفر الطحاوي: [فويل لمن صار لله في القدر خصيماً، وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً].
ومن هنا تعرض المصنف رحمه الله إلى مسألة مرض القلب وعلاجه، وأنواع ذلك وقد أجمله رحمه الله، ولعلنا نوسعه فينفع الله تبارك وتعالى به.
والمراد الأول -للماتن والمصنف- هو أن على المؤمن ألا يخاصم الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فكثير من الناس خاصموا ربهم، كما قال تعالى: ((فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا))[الإسراء:89].. ((وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ))[الصافات:71] وذكر أنهم استكبروا عن قبول آيات الله سبحانه وتعالى وتنفيذ أوامره، فإبليس من قبل أبى واستكبر وكان من الكافرين، واستكبر بعده الكفار في كل زمان ومكان: ((إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ))[الصافات:35].
  1. مخاصمة الله في القدر اقتداء بإبليس والمشركين

  2. قلب الإنسان وعمله محط نظر الله