حكم الألعاب البهلوانية
السؤال: حدث يوم الأربعاء الموافق 26/12 حفل ختامي للتنشيط السياحي الذي أقيم في ملعب الفرح على الطريق العام، وبدأ الحفل بالقرآن، وبعض الكلمات وأغاني، ومن ضمن الفقرات خرج رجل يسمى البهلوان إلى وسط المتفرجين، وأحضر معه سيخاً حديدياً، ووضع طرفه في الأرض والطرف الآخر في عينه، ورأى المتفرجون بأنه ثنى السيخ بعينه، وأُحضر له لوح خشبي ممتلئ بالمسامير الحادة، ووضعه على ظهره، وجاءوا بصخرة يحملها أربعة أشخاص، ووضعوها على صدره، وجاءوا بمطرقة ضخمة وفجروا تلك الصخرة على ظهره، وقام وليس به شيء ونزع قميصه، وأراه الجمهور وهو مخرق من جهة ظهره، وقد أصبح حديث الألسن.
نأمل توضيح ذلك هل هذا من السحر أم أن من قدرته أن يفعل ذلك، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: نقول ما فائدة عرض هذه العروض؟ إن كانت تعرض على سبيل أن هذا من الأولياء أو الصالحين، أو العباد الذين لهم كرامات؛ فهذا له جواب.
وعباد الهنود -الآن- يدعون الأمريكيين والأوروبيين إلى دينهم، وليس عندهم دين يدعون إليه، وليس عندهم حقائق يدعون إليها، فيذهبون إلى المدن الكبرى هناك، في نيويورك، وكاليفورنيا، وواشنطن، ولندن، ويلعبون مثل هذه الألعاب، فيأتي رجل ويدق السيخ في رأسه، ويفعل بالحديد مثلما فعل هؤلاء، ويأخذ حديدة محماة على النار حتى تكون حمراء، ويضعها على الثاني إلى غير ذلك. وهذا قطعاً من السحر ومن استخدام الشياطين -نسأل الله العفو والعافية-.
ولهذا شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية، لما ناظر البطائحية من الصوفية المشركين بالله -والبطائحية الرفاعية هم جماعة وأتباع ما يسمونه الشيخ أحمد الرفاعي- قالوا: علامة أنه على الحق أو أنك أنت على الحق: أن نوقد ناراً وندخلها نحن أو أنت.
وشَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله كان فطناً ولم يكن مثلنا يُضحك عليه، قال للحاكم: نعم. بشرط أن نغسل جلودنا بالنشادر، ثم ندخل أيدينا، فقالوا: هاتوا الحطب، قال: لا نحتاج حطباً كثيراً، يكفي الواحد أن يدخل يديه، لكن المهم أن ندهن أيدينا بالنشادر، فلما رأوا الجد نكلوا ونكثوا.
إذاً فيها حيل شيطانية.
وهذه القصة ذكرها شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله بنفسه، وذكرها ابن كثير وغيرهم من المؤرخين في حياته رحمهم الله.
فهؤلاء سحرة يجب أن يقتلوا، وبعض الناس لا يقول: أنه ولي، ولا يريد بذلك أن يعظمه الناس تعظيم عبادة، ولكن يعظمونه تعظيم بطولة، فهو نجم وبطل، كلاعبي السيرك -مثلاً- أو غير ذلك، وهذا أيضاً فيه نوع من الاستعانة بالجن والشياطين، أو نوع من التحايل، كأن يضع حديداً مخفياً ولكن لا يراه الناس، ويضربون الحديد، ويظن الناس أنهم يضربونه، لأن كل فن أهله أعرف به، حتى الحيل، وكل شيء أهله أعرف بطريقته وأساليبه.
فإما أن تكون حيلاً وهذه ليس فيها إشكال إلا من جهة أنها توهم الناس فيظنون أن هذا خارق للأسباب.
فالصحابة رضي الله عنهم عندما كانوا يُضربون بالسيوف فإنهم يموتون، مثلما حصل لحمزة رضي الله تعالى عنه، فهل هذا الذي لم يتأثر بالضرب أفضل من حمزة أو أنه أقوى منه؟!
فهذا العمل -لا شك- يُحدث ارتباكاً للناس؛ لأن من حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه ربط الأسباب بالمسببات، فجعل لكل شيء سبباً، فلو تحركت كأس من مكانها بدون أي سبب فإن كل الناس تندهش! فالله فطر الناس جميعاً على هذا، حتى الصغار والكبار، حتى الجهلة لا بد عندهم من الأسباب.
فمن الأسباب المعروفة أن شخصاً نضع على بطنه صخرة، أنه يموت، فكيف يأتي واحد وتوضع الصخرة على بطنه ومع ذلك لا يضره؟!
فنكون بهذا هدمنا قاعدة متعارف عليها قطعاً، وهي قاعدة الأسباب والمسببات، فهذا يؤدي إلى إرباك في العقل، وهذا الارتباك منه يدخل الفساد والشر والشرك والإلحاد؛ لأن الله تعالى لم يفضلنا إلا بهذه العقول، ولم يأمرنا أن نسير في الأرض ونضرب في مناكبها إلا بناءً على أن هناك أسباباً معينة، إذا أخذنا بها نلنا ما يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا ضاعت هذه الارتباطات العادية -وهي الأسباب والمسببات- فإننا نتيه بعد ذلك، ويصير الواحد منا يصدّق ما لا يُصدَّق، وينكر ما لا يجوز إنكاره.
فهي على أي حال من المنكر الذي يجب أن يحارب، وفيما أعلم أن هذا ممنوع، فقبل حوالي عشرين سنة من الآن، ونحن ما زلنا طلاباً في المدرسة، جاءت فرقة هندية، وأرادت ان تعمل سيركاً في الباحة، فمُنعوا وجاء أمر بمنعهم من إقامته، بسبب أنه كان يشتمل على هذه الألعاب البهلوانية كما يسمونها.