السؤال: هل من الممكن ذكر شعار الثورة الفرنسية عندما قامت؛ حتى يعرف كذب الصحافة وجهلها, حينما تصفها بأنها أعطت الإنسان الحرية؟
الجواب: الثورة الفرنسية قامت تدعو إلى ثلاث شعارات: الحرية, والإخاء, والمساواة.
وحقيقة نحن لا نظلم الثورة الفرنسية, فنحن المسلمين لا نظلم أحداً, لا أمة, ولا طائفة!
فالثورة الفرنسية بالنسبة لـ
أوروبا أعطتها حرية, وإخاء, ومساواة؛ لأنهم ما كانوا يعيشون إلا في حكم الإقطاع، فكان الإقطاعي يملك الأرض ومن فيها, ويتحكم في خلق الله كما يشاء، ورجال الدين -الأحبار والرهبان- الذين ذكرهم الله في القرآن: ((
إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ))[التوبة:34] كانوا يملكون الأراضي ويتحكمون بعباد الله، فكان هناك ظلم شديد جداً.
أما الملوك الذين ثارت عليهم الثورة، فكانوا يدعون أن الله تعالى أعطاهم من عنده هذا الحكم, وفوضهم ليتحكموا بالعباد كما يشاءون، ويسمون هذا الحق الإلهي للملوك.
فأمام هذا خرجت الثورة الفرنسية تقول: لا. المواطنون كلهم سواء في الحقوق والواجبات، ففرحت
أوروبا، وهذا صحيح وشيء جيد.
فأول من دعا الإنسان الأوروبي إلى الحرية, والإخاء, والمساواة من الأوروبيين هو الثورة الفرنسية، وقد أعطاهم إياها رسول الهدى محمد صلى الله عليهم ولكنهم ما قبلوها، فقد كتب إلى ملكهم
هرقل عظيم الروم: {
من محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل عظيم الروم, السلام على من اتبع الهدى, أما بعد: فأسلم تسلم، وإن لم تسلم فإنما عليك إثم الآريسيين } قيل: هم الفلاحون، وقيل هم فرقة
آريوس.
فالشاهد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى هذا الملك, الذي كان رجال الدين, والإقطاعيون كلهم تحت حكمه, فإذا لم يسلم فعليه إثم هؤلاء, لأنهم مقهورون -كما يقال طبقة مضطهدة- فهذه الطبقة لا تملك شيئاً, ولا تملك حرية الاعتقاد, ولا تعرف الحق إلا عن طريق ملوكها وأحبارها ورهبانها.
وعرض عليهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلك في القرآن، فالإسلام دخل إلى
الأندلس, وجنوب
إيطاليا, وجنوب
فرنسا، ولكنهم رفضوا دين الله, ورفضوا الإخاء الحقيقي, والحرية والمساواة الحقيقية, وقد أوضحها الله تعالى في كتابه, ورفع الظلم ونهى عنه, فرفضوا ذلك كله, وما عرفوه إلا عندما جاء عن طريق ثورتهم الفرنسية.
والحقيقة أنها جاءت بظلم آخر, فالثورة الفرنسية رفعت ظلم الإقطاعيين, وجاءت بظلم الرأسماليين، فدفعت ظلم الملوك, وجاءت بظلم
نابليون وأمثاله، وهكذا لا يمكن للناس أن يتحقق لهم العدل إلا بدين الله وبشرعه.