كلنا نريد الحق وهدفنا الحق في دعوتنا، ونرجو أن نكون مخلصين -إن شاء الله- جميعاً في دعوتنا إلى الله، لذلك نبدأ بما بدأ الله به، وندعو إلى ما دعا الله تبارك وتعالى إليه، في أسرتنا وفي مجتمعنا، وفي أي مكان نذهب إليه، فهذا هو منهج الدعوة، ندعو أولاً إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -مع الإخلاص- وعلى بصيرة، وندعو إلى أن يوحد الله، وألا يعبد إلا الله: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ))[الأنبياء:25] فهذه هي دعوة جميع الرسل الذين أرسلهم الله، وذكر الله تبارك وتعالى لنا في القرآن نوح، وهود إلى عاد، وصالح إلى ثمود وغيرهم،كلٌ منهم يقول لقومه: ((يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ))[الأعراف:59] إذاً هذا أول شيء، وهو أعظم ما ندعو إليه.
ثم ندعو الناس بعد ذلك -في الأهمية والوقت- إلى أداء الصلاة، لأنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم بعد ذلك ندعوهم إلى الزكاة والأخلاق والآداب والمعاملات، ولا نقلل من أهميتها، ولكنها بعد ذلك.
فالإنسان إذا وحد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق التوحيد، وعرف الله حق المعرفة، وصلى الصلاة كما أمر الله تبارك وتعالى، وزكى ماله وتصدق، هذا في الحقيقة لن يرتكب -بإذن الله تعالى- محرمات، وإن وقع فيها فهو على سبيل الخطأ العاثر، ولكن إذا تحقق لديه هذا الأصل فقد تحققت القاعدة القوية التي يبنى عليها إيمانه والتي يكون كل الأعمال محورها ومرجعها إليها.
ولذلك كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كما في الصحيح- يرسل السرية من الجيش للجهاد في سبيل الله، فيأمرهم أن يذهبوا في الليل وينتظروا، فإن سمعوا الأذان وإلا أغاروا، وهذا من أحكام التعامل، أما إذا كان يأتي على بعض القرى حالات لا يؤذن فيها، أو أفراداً لا يجيبون داعي الله سبحانه فهذا شيء آخر، ولكن الكلام هنا في المجتمعات، فالمجتمع الذي لا يؤذن فيه، يستحق أن يجاهد، وأن يغار عليه،ولا يكفي اسم الإسلام وأن الإنسان مسلم، بل لا بد أن يَصْدق الإنسان إذا قال أنا مسلم، فيشهد أن لا إله إلا الله ويرفع بها صوته،وينادي بها،ويجتمعون في بيت الله لتحقيقها وأداء الصلاة.
وإن كان الأمر غير ذلك فيجب أن يجاهدوا، ولو أن قوماً أقاموا الصلاة؛ ولكن تركوا الأذان وجب جهادهم على المسلمين على ترك هذه الشعيرة العظيمة، فيجب علينا أن لا نستهين كما هو الحال عند بعض الناس بالشعائر، ويجب أن نقدرها حق قدرها، فرفع كلمة الله، ورفع الأذان،والصدع بشهادة أن لا إله إلا الله في الآفاق، هذا مطلب وشعيرة عظيمة، والاجتماع في بيوت الله لأداء الصلاة شعيرة عظيمة أيضاً.
فلا يقل الإنسان: الحمد لله أصلي بعض الأوقات في المسجد، وبعض الأوقات في البيت، فإن هذه مسألة أهم مما قد يتصور كثير من الناس، ولا نستطيع أن نوردها بالتفصيل فيما يتعلق بصفة أو بأحكام صلاة الجماعة، وصفة الأمة المؤمنة التي تقيم شعائر الله حقاً، كما أمر الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.