الدعوة إلى الله وحده
و نقف وقفة عند قوله: ((إِلَى اللَّهِ ))[يوسف:108] فكثير من الناس يدعون، بل في الحقيقة لو تأملنا فإنا لا نجد أحداً في هذه الدنيا إلا وهو داعية يدعو إلى شيء ما، فأنت لو جلست مع أي إنسان ستجد عنده فكرة سيطرت على فكره واهتمامه، فهو يدعو إليها، ويحب أن الناس جميعاً يكونون عليها، وكل إنسان له رأي، وله هدف، سواء كانت نظرته عامة، بحيث يخطط للعالم أجمع، أو نظرة محلية يخطط لمدرسته أو لقريته، أو لبيته وأسرته، المهم أن لديه منهجاً معيناً.
فكل إنسان داعية، وكل إنسان يدعو إلى شيء ما، ولكن ميزة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن اتبعه أنهم يدعون إلى الله وحده لا شريك له، وكفى بالله تبارك وتعالى وكيلاً، وكفى به حسيباً.
والدعوة إلى الله عنوان يدعيه وينتسب إليه كثير من الناس -غير الذين يدعون إلى ضلالات وشرك وإلحاد- ممن يدعون إلى الإسلام، وكلهم يرفعون راية الدعوة إلى الله، ولكن هنا يجب أن نقف ويجب أن نتأمل، كما ذكر الإمام رحمه الله تعالى في تعقيباته ورسائله: أن بعض الناس قد يدعو إلى نفسه.
فكثيرٌ من الناس عنوانه الدعوة إلى الله، ولكن عمله دعوة إلى غير الله -نسأل الله العفو والعافية- وإن كان يدعي الدعوة إلى الله، فقد يدعو الناس إلى شيء غير الله عز وجل كأن يدعوهم إلى رأي ارتآه، ويرى أنه دين الله، وليس هو دين الله، أو إلى إمام وإن كان من أئمة الدين، أو إلى رأي معين، أو طائفة أو فرقة من الفرق، يدعو إليها ويجتهد في الدعوة إليها، ويقول: إنه يدعو إلى الله، وهو في الحقيقة يدعو إلى ما دعا إليه، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه} فكذلك من كان يدعو إلى الله، فدعوته إلى الله، ومن كان يدعو إلى غير الله فهو يدعو إلى ما دعا إليه، وإن لبَّس على الناس بأنه يدعو إلى الله.