ثالثاً: فكانت الأديان الثلاثة, لها آراء ثلاثة: القول بأنه إله, والقول بأنه ابن زنا -عياذاً بالله- وليس برسول، وهؤلاء اليهود والنصارى.
وهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه, فتوسطوا, وقالوا: هو عبد الله ورسوله، ليس بإله فنغلو فيه، وليس بابن زنا -نعوذ بالله تبارك وتعالى- فنفرط كما قالت اليهود، بل هو عبد الله ورسوله.
وهذه القضية -هي الآن- معركة مستمرة, وهي معركتنا مع النصارى في هذه الأيام, فالنصارى يريدون بكل الوسائل أن يغيروا عقول المسلمين, وأن يفسدوا عليهم عقيدتهم ودينهم, وأن يجعلوا طوائف منهم تتنصر وترتد عن الإسلام, وتشهد بأن عيسى بن الله -تعالى الله عما يصفون- وأنه الذي فدى العالم, وأنه المخلص الذي خلصهم، وأنه قد صلب, والله تعالى يقول: ((وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ))[النساء:157].
ولذلك إذاعات الإنجيل وصوت الإنجيل وساعة الإصلاح -كما تسمعونها في الإذاعات- تزاحم إذاعة القرآن, وتزاحم الإذاعات الأخرى, فأكثر دول العالم تبث هذه الإذاعـات، وكثير من بلاد العالم الإسلامي, مثل أندونيسيا وبنجلادش، وبسبب الجوع والفقر والحاجة -كما في بعض دول أفريقيا أيضاً- نُصِّر أبناء المسلمين فيها.
وهم الآن يشترون أطفال المسلمين في أفريقيا، ويذهبون بهم إلى السويد, والنرويج, والدانمارك وكندا وغيرها ويربوهم ليصبحوا نصارى، ويعلموهم دينهم، وهذا شيء واضح ومعلوم لدى العالم كله.
وهذه هي حقيقة العالم الإنساني المتحضر المتطور, الذي يدّعي العدل والإنسانية والمساواة التي هي في الحقيقة لغير المسلمين، ومع ذلك فهم مجتهـدون في هذا الباطـل وفي هذا الكفر، الذي يسألهم الله تعالى يوم القيامة عنه ويكذبهم عيسى عليه السلام: ((وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ))[المائدة:116] فيكذبهم عيسى يوم القيامة, ويكذبهم الله عز وجل في ذلك.
ومع ذلك فهذه العقيدة الباطلة أصبح يراد لها أن تنتشر في بلاد المسلمين, وهذه المجلات التي تضع ركن التعارف -صفحتين- حيث يرسل الشخص صورته -طفل أو شاب- ويضع الهواية: المراسلة, أو كذا, فيأتي هؤلاء المجرمون النصارى، فيجدون مكتوباً الهواية المراسلة والعنوان موجود، فيرسلون إليه على عنوانه أو صندوق البريد أو المؤسسة, الإنجيل وبعض النشرات, والكتب، وتقع في يد جاهل أو امرأة, وأكثر الناس على جهل, فيقع في قلبه شيء من هذه العقائد الباطلة -والعياذ بالله- وهذا دليل أو جزء من أدلة كثيرة على خطر هذه المجلات وفسادها، ما عدا المجلات الإسلامية الطيبة.
فهم الآن يريدون أن يدخلوا إلى بلاد المسلمين بأي طريقة من الطرق, ويظهرون أمامنا أنهم يحترمون الأديان, وأن الإنسان حر يدين بما يشاء، وأن من حقوق الإنسان أن يعتقد ما يشاء, فإذا جئنا عند التطبيق وجدناهم يقصدون بهذا أن المسلم يجوز أن يرتد ويصبح من النصارى -والعياذ بالله- وكثير من الناس يخفى عليهم هذا, وقد يظنون أن هذا شيء بعيد أو مستبعد.
والحقيقة أن هذا الأمر واقع، والأمثلة والشواهد عليه كثيرة, لا يتسع المقام لها.
ولكن من ضعف إيماننا وتخاذلنا وهواننا على الله -ونعوذ بالله- وعلى أهل الأديان, أنه حتى النصارى طمعوا فينا، وأصبحوا يطمعون أن يخرجوا المسلم من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إلى أن يشهد بأن عيسى ابن الله أو أنه هو الإله -تعالى الله عما يصفون-.