المادة    
السؤال: هذا يسأل عن أفلام الأطفال المدبلجة التي تعرض في التلفاز؟
الجواب: سبق وأن تكلمنا عن خطر وسائل الإعلام، وزيادة على ذلك نقول:
إن الطفل بالأخص مستهدف بشكل أكبر، وخاصة الطفل المسلم الذي هو شاب الغد، ومعنى ذلك أن الحكم على أية أمة من الأمم ومعرفة مستقبل أية أمة من الأمم رهن بواقع أطفاها ومنهج أطفالها.
فمن نعم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على هذه البلاد، وعلى دول الخليج بالذات -دول البترول- أن نسبة المواليد فيها أعلى من نسبة الوفيات، وهذا عندنا طبيعي والحمد لله.
أما في أوروبا، فهناك مشكلة خطيرة جداً في أكثر دول أوروبا وهي أنها تعاني من أن الوفيات أكثر من المواليد، فتراهم يهتمون بمسألة الزواج وعودة المرأة إلى البيت ولو بشكل جزئي، ويهتمون بقضايا تكثير النسل والإعانات، وقد رأوا أننا لو تفوقنا عليهم بشرياً، فإن ذلك سيكون تهديداً خطيراً لهم.
فمثلاً: هولندا مثل الكويت تقريباً في المساحة، فـالكويت سكانها تقريباً مليون، إلى مليون ونصف، وهولندا سكانها أربعة عشر مليون! وهذه الكثافة السكانية العالية هي سر من أسرار قوة الغرب، ولذلك كان من جملة ما يريدونه لنا تأخير سن الزواج، والدعوة إلى عمل المرأة، حتى يتعطل الزواج، ويستمروا في تفوقهم علينا.
ومن جملة ذلك أيضاً: أنهم يريدون هدم عقلية الشباب وتحطيم الطفل المسلم، لأن هذا عامل من العوامل المادية المحسوسة لتفوق أية أمة، فعدوهم الخطير هو الشرق لو استطاع أن يكون أكثر منهم بشرياً، ثم وجهت طاقته البشرية بالعقيدة الصحيحة.
اليهود يسعون إلى أن يأتي اليهودي من روسيا ومن الحبشة ومن كل مكان، ويحرصون على الطاقة البشرية.
وكندا واستراليا وغيرها من الدول تحرص كل الحرص على الطاقة البشرية، وعلى توجيه الطاقة البشرية.
وفي أمريكا يخصصون قنوات معينة للأطفال، مع أنهم في ضلال الكفر وظلامه، ونحن هنا -مع الأسف- الطفل عندنا مهدر، يجلس أمام التلفزيون كما يشاء، ولو عملت إحصائية عن نسبة ما يقضيه الطفل مع أبيه بالنسبة لما يقضيه أمام التلفزيون أو في الشارع، لربما كانت النسبة مفزعة لنا، وكثير من الناس لا يعرف عن ولده شيئاً.
فقد حدثني مدير مدرسة في مكة، قال: أحد الطلاب كان عنده كفاءة ونجح، ولم أدرِ في نصف العام إلا وقد جاء والده يسأل عن ابنه قال: أنا أريده، قال المدير: قلنا يا والد! ولدك نجح العام الماضي والآن هو في الثانوية.. لا يدري الأب في أية سنة وصل الابن وهما في بلد واحد، والمدرسة في الحي نفسه وليست بعيدة!
فإذا كان الأب لا يدري عن ابنه في أية سنة هو، فإنه بلا شك لا يدري مع من يمشي، ولا يدري مع من يعيش..!
بل بعض الآباء يعتبر التلفزيون حلالاً! فيترك الأطفال في البيت يرونه، ويرون هذه المسلسلات المدبلجة -كما يسمونها- ويرون الفساد والانحطاط.. وكثير من هذه المسلسلات وضعت وصممت للطفل الأوروبي الذي لا يؤمن بالله ولا بالآخرة، والذي ليس له هدف أو معيار إلا معيار الوطنية أو الجد أو العمل فقط، وغيرها من المعايير التي يعيش عليها الغرب الكافر؛ لأنه لا هم له غير هذه الحياة الدنيا، أما الطفل المسلم فيجب أن يتربَّى على أن يطيع الله ورسوله، وأن يتبع الله ورسوله، وأن يحب الصحابة والتابعين، وأن يعرف قادة الإسلام الذين لا يعرف عنهم أكثر أطفالنا أي شيء، ويعرفون عن أبطال الكرة وأبطال الفساد والتمثيل والخلاعة الشيء الكثير..!
وهذه المشكلة التي يعاني منها أطفالنا لا تقتصر على الأفلام، بل هي عامة في وسائل تربيتنا، وكلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته!
وهؤلاء الشباب -وكل مولود يولد على الفطرة- فيهم تقبُّل، وفيهم استجابة، وهم في هذه الجزيرة التي هي معدن الخير، فكما ظهر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن الممكن أن يظهر منهم جيل يقاربهم ويحاذيهم، وإن لم يكن مثلهم، ولكن يسير على طريقهم؛ فالطفل إذا حُفِّظ القرآن حفظه، فهم أبطال في صورة أطفال! لكنهم وَجَدوا من يُهدِر طاقتهم، ووجدوا من لا يستوعبها ومن لا يهذبها؛ فأصبحت ضائعة.
فهذه أمريكا دولة كافرة فاجرة!! لكنها تخطط لتسيطر على العالم وتتحكم فيه، والله ما أورثها الأرض اصطفاءً لها ولا تكريماً لها، وإنما لأنها تبني أمورها على تخطيط.
جمعت كل المسئولين عن قطاع التربية والتعليم وهم على مستوى عالٍ في البلد، وعملوا دراسات مكثفة.
(ليسوا مثلنا! فاللجنة عندنا تجتمع: عضو يكتب، وعضو يوقع، والثالث لم يحضر! وأحياناً نستأجر لجنة خبراء من الخارج لدراسة موضوع طلابنا)
واجتهدوا في اجتماعات طويلة، ثم لخصت التقارير بعد اجتماعات كثيرة في كتيب، وقد ترجم إلى اللغة العربية، وهو موجود في الأسواق عنوانه أمة معرضة للخطر، حبذا أن يقرأ كل مدرس هذا الكتيب.
هذا الكتاب هو تقرير اللجنة، وبعد دراسة الحكومة له أمرت أمراً إجبارياً أن ينشر في جميع وسائل الإعلام: في التلفزيون، والإذاعة، وفي الصحافة، وفي المدارس، وفي الاجتماعات.. وأن يُعاد نشره عدة مرات حتى يصل إلى كل أذن في المجتمع!!
انظر القوة في الأمر، يعلنون بكل صراحة أن مستوى التعليم في بلادهم منحط، وأن وسائل التربية متدهورة، وأن الطفل مستواه كذا، فيذكرون كل المساوئ، ولا يذكرون الإيجابيات والإنجازات، وهم أعلى أمة في الإنجازات، إنما ذكروا المساوئ والأشياء التي يجب أن تتلافى، وأنهم إذا لم يتلافوها فإنهم أمة معرضة للخطر..!
فهؤلاء الكفار انتبهوا إلى ضرورة التربية، وإلى أهميتها، وأن الطفل هكذا يجب أن يكون، وهكذا يجب أن يُربى، واللجان تتبعها لجان، والدراسات تتبعها دراسات، ويتبعها عمل، ليروا أسباب تفوق الطفل الياباني على الطفل الأمريكي... وهكذا!
ونحن مستوى التعليم لدينا ينحط ويتدهور بشكل فظيع مريع! أما في أول أيامنا فالإخوة يذكرون أن الإنسان كان إذا بلغ سادس ابتدائي، فإنه يصبح شيخ القرية وخطيب الجماعة، يفهم كل شيء، فكان مستوى سادس كلمة مدح عظيمة، أما الآن فقد يتخرج من الجامعة، وهو لا يحسن أن يكتب صفحة، وإذا كتب لا تدري ماذا يريد..!
يُكتب لنا في كل محاضرة كثير من الأسئلة لا نستطيع أن نقرأها، وربما يوجد في السطر الواحد عدة أخطاء: إما في النحو، أو أخطاء علمية.
فالتعليم في بلادنا مستواه منحط، ويجب أن نقولها بأمانة: يجب على رجال التربية والتعليم أن يقدروا ذلك، وأن يتقوا الله في أطفال خير أمة أخرجت للناس، وفي الشباب الذي لو ربي تربية سليمة قويمة لكان على ما يرضي الله، ولكان أكبر عدو وأكبر شوكة في نحور أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
القرآن الذي قُلصَ في المناهج وفي الحصص وفي الحفظ: لماذا يُقَلَّص؟ مَنْ وراء ذلك؟ لماذا لا نفكر؟ والحر تكفيه الإشارة..!