وإن مما يجب التنبيه إليه ضمن هذه النصيحة، أن الدعوة إلى الله سبحانه، وإعمار الأوقات والإفادة منها في مثل هذه المراكز أو المعاهد أو هذه اللقاءات، يجب أن تكون على العلم الشرعي الصحيح.
فلا حياة لنا إلا بالعلم، ولا دعوة إلا بالتفقه في الدين، وبمعرفة ما أنزل الله سبحانه، وبحفظ كتاب الله ما استطاع الإنسان منه أن يحفظ، والحفظ والإطلاع -أيضاً- على سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبالقراءة في مسائل العلماء وما كتبه
السلف الصالح لنعرف كيف نعبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونعرف كيف ندعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكيف نعيش الحياة التي يرضاها الله.
وهذه المعاهد -والحمد لله- تعطي هذا العلم وتعطي أبواباً كثيرة من الخير التي لو نمَّاها الطلبة لخرجت أجيال كثيرة ممن يحملون راية العلم وقيادة وريادة الخير في هذه الأمة.
وهذا المعهد -والحمد لله- خرج منه رجال معروفون مشهورون على المستوى العالمي كله، وهذا من فضل الله سبحانه، ثم بفضل ما لقوه من توجيه وحرص وعناية من جهة، ثم باجتهادهم -أيضاً- وبإطلاعهم وقراءتهم وقيامهم بالدعوة إلى الله سبحانه.
فالدعوة إلى الله سبحانه كلها خير وكلها بركة، وطلب العلم لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جهاد وخير وبركة، وكل من سار على هذا الطريق وفقَّه الله في الدنيا والآخرة، ورأى آثار هذه البركة في نفسه ومجتمعه وفي من حوله، وكل ما نراه اليوم من ميزات لهذه المعاهد عن غيرها من المدارس وهي كثيرة.
منها: أنها ما قامت إلا لغرض الدعوة إلى الله وبهدف نشر هذا العلم النافع والعقيدة الصحيحة خالصة لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فإذا قصَّرنا أو أخللنا في أداء هذه الأمانة، فمعنى ذلك في الحقيقة أننا أضعنا الهدف الذي من أجله أُنشئت، والذي من أجله كان لها هذا الفضل العظيم في قيادة الأمة.
فإذا جمعنا بإذن الله تبارك وتعالى بين الإخلاص والجد والاجتهاد في طلب العلم وبذل الدعوة إلى الله سبحانه، فإنا نجد الخير والبركة ونجد النفع العميم، فالأمة بحاجة إلى معلمين في العلوم الشرعية، وبحاجة إلى دعاة، وأئمة وخطباء وبحاجة إلى من يوجههم للخير وينصحهم له، وأولى الناس بأن يكونوا في هذه الأعمال وأن يقوموا بها هو أبناء هذا المعهد في الدرجة الأولى، وإن كان في غيرهم خير كثير، وأرجو أن يكون الجميع يُقِّدر هذا الواجب، فإن الدعوة إلى الله واجب على كل أحد بحسب علمه واستطاعته، لكنها تتأكد وتتعين على أبناء المعاهد بالدرجة الأولى.
هذه كلمة أحببت أن أقولها بين يدي هذا اللقاء، وكما تعلمون هذه الأيام الليالي قصيرة واللقاءات قليلة، فنترك البقية لأسئلتكم أو مناقشاتكم، أو حواركم.
لعلنا جميعاً إن شاء الله تعالى نستفيد، فالعادة أن مثل هذه اللقاءات المفتوحة تفيد، أكثر مما لو أن واحداً فقط يتكلم، والبقية يستمعون، ولا سيما ما يتعلق بوضع الإخوان في هذا المركز، أو بوضع الدعوة إلى الله في المنطقة عامة، فكما نرى -والحمد لله- حضر من الإخوة من أهل الخير ووجوه الخير الكثير الذين يهمهم أمر الدعوة إلى الله في هذه المنطقة الطيبة، التي نسأل الله أن يجعلها دائماً وأبداً مركزاً للخير والدعوة، وأن يحفظها ويحفظ بلاد المسلمين جميعاً ومناطق البلاد جميعاً من كل سوء، ومن الفتن والشرور التي بدأت تطغى -كما ترون- وتزداد على هذه الأمة، وأن يقيها هذا التكالب يأتيها من كل جهة، لعلنا إن شاء الله نستعرض بعضها، ونسأل الله سبحانه لنا ولكم التوفيق.