دور المعاهد العلمية
ومن هنا كان على الاخوة الكرام القائمين على هذه المراكز عبء وواجب في مسألة الإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي التي نوصي بها أنفسنا، ونوصي بها كل من نحبهم في الله، وعبء فيما يتعلق بالاجتهاد في الإفادة بقدر الإمكان من وجود هؤلاء الطلبة، وفي بذل ما يستطيعون بذله، وهم -إن شاء الله- لن يألوا جهداً في إفادة هؤلاء الطلاب؛ ليكونوا نموذجاً لغيرهم من الطلاب الذين يشعرون أو يحسون بالضياع أو الفراغ في هذه العطلة.
ومن باب الأولى والأحرى، فالواجب على المنتسبين لهذه المراكز من طلاب المعاهد أن يحمدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يُبادروا ويسفيدوا من هذه القلاع العلمية، ومن هذه الوسائل المتاحة التي يستطيعون أن يُحصِّلوا فيها من العلم النافع والخير والفضل ما لا يحصِّلونه في أثناء المدة النظامية الدراسية.
وإن كان لنا من نصيحة نقدمها بين يدي هذا اللقاء، ولا بد أن نتناصح جميعاً، فإننا ننصح الإخوة الكرام في هذا المعهد وفي هذا الجمع بأن يهتموا بأمر هذه المنطقة عموماً؛ فإن المعاهد العلمية بالدرجة الأولى، ثم أهل الخير عامة، هي المسئولة مسئولية أولية في نشر الوعي الصحيح بين الناس.
إن المعاهد العلمية لم تُبْنَ لتُخٍّرج أعداداً من الخريجين، وإنما لتخرج قادة وعلماء وموجهين، فهي نماذج عصرية لمدارس الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، وهذا هو الغرض من إنشائها، فلذلك يجب أن تكون -كما هو المرجو وكما هو الهدف- منارات إشعاع للمنطقة كلها.
وهذه المنطقة -والحمد لله- فيها الخير الكثير، وفيها الاستجابة الطيبة، ولكن فيها كثافة سكانية كبيرة تختلف عن غيرها من المناطق، وفيها-أيضاً- كثيرٌ من أسباب اللهو واللعب والملاهي التي تُبعد الإنسان عما يرضي الله سبحانه، وبذلك يتضاعف الواجب على الدعاة، وكل مدرسة أو معهد في هذه المنطقة ينظر إلى المعهد العلمي على أنه القدوة وعلى أنه الإمام الذي يُؤتسى به في فعل الخيرات.
وكل طالب في المنطقة ينظر إلى طالب المعهد العلمي، على أنه قدوة وحجة، فيما يأتي وفيما يذر.
فلنتق الله سبحانه إذاً، ومن كان ممن اصطفاه الله وهيأه للخير، فلا يحقر نفسه:
قد هيئوك لأمر لو فطنت لـه فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ
الأمة تنظر إليكم يا شباب المعاهد، ويا من تحبون المعاهد -وكلنا نحبها إن شاء الله- نظرة تختلف عن غيركم وتعتبركم الدعاة والموجهين وحملة الأمانة وحملة الرسالة، فأي تقصير أو إخلال أو ضعف في الدعوة ينشأ من طريقكم، فأنتم محاسبون وأنتم مسئولون عنه، وهذه أمانة كبرى قد تحملتموها، فلا بد أن تقوموا بها، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يعيننا وإياكم جميعاً على حملها وعلى أدائها.