مشاركة النصارى في حفلاتهم
السؤال: ما حكم عمل حفل التوديع للنصارى العاملين معنا في العمل؟
وإذا لم يشارك المرء فما حكم الأكل من الكيك أو من غيره؟
الجواب: هؤلاء النصارى:
أولاً: لا يجوز أن يدخلوا جزيرة العرب، فلا يجتمع فيها دينان كما أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو أمر، فقد يكون اللفظ خبراً ومقتضاه النهي، وقد أن يكون اللفظ نهياً صريحاً: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان }، {جزيرة العرب}، فلا يجوز أن يدخلوها في الأصل، ثم إن دخلوها بغير رغبة ولا إقرار منا بذلك، وإذا ابتليت فوجدتهم في عمل وأنت تعمل فيه، فأول ما تسعى إليه أن تخرجهم من البلد إن استطعت، إن كنت مديراً أو بيدك سلطة، أو يمكنك إقناع المدير، أو غير ذلك لإحلال مسلم مكانه فافعل.
وإن لم تستطع ذلك فالدعوة واجبة، ثم إذا سلكت مجال الدعوة فلابد أن تلتزم بأخلاق الداعية وأن يرى فيك شيئاً من محبة الخير له، لأن الدعوة هي محبة الخير، فإذا رآك تحب له الخير وتحرص عليه، وتؤكد له بأي وسيلة عملية أو قولية أنك تريد له الخير، وأنك لا تريد له الشر، تريد له الخير الذي نريده له ولأنفسنا، وهو الإسلام؛ فإنه قد يسلم ويكون لك أجره، ولا يمكن أن نحقق له خيراً بدون الإسلام، فخير الدنيا تافه، ومتاعها قليل لا يؤبه له، لكن نريد له الخير بأن ينقذ نفسه وأهله من النار، وأن يكون الداعية حسن التعامل معهم، بأن يقدم لهم بعض الهدايا أو الطعام أو غير ذلك.
لكن أن يتعدى ذلك إلى شيء من الاحتفاء والتكريم، وخاصة عند التوديع وهو ذاهب غير آيب، ولا يرجى أن يسلم إذا عاد إلى بلاده؛ فهذا لا يجوز، وهو من تعظيمهم.
فالواجب علينا أن نُعظِّم ما عظم الله، وأن نحقر ما حقره الله، وتعظيم هؤلاء القوم فيه خلل، وهذا الخلل في عقيدة الولاء والبراء، فإن الله تعالى أمر بعداوتهم، وأمر ببغضهم كبغضهم لنا: ((قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)) [آل عمران:118] ومن قال غير ذلك فقد كذب أو أخطأ، إلا ما ذكر الله عز وجل بأن يكون هناك نوع من المودة والصلة، كأن يكون إما خائفاًَ على نفسه، يريد أن يدخل الدين لكنه خائف على نفسه، أو من يجهل هذا الدين، كما قال الله عز وجل: ((فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)) [التوبة:6].
قد يكون لا يعلم كلام الله، ولا يعرف حدود الله، ولا يعلم حقيقة هذا الدين، أو قد يكون عرف الدين من خلال نماذج سيئة، ممن يذهبون إلى بلادهم بالفسق والتعري والخمور والغش والكذب أو غير ذلك.
والمقصود: أن من وضحت له الحجة، واستبان له الحق ولم يجب؛ فهذا دليل على أن في قلبه كبراً وحسداً، كما قال تعالى: ((حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ))[البقرة:109] وأنه لا بد أنه يُكِّن الغيظ، والعداوة لأهل هذا الدين؛ لأنه من حزب الشيطان، وحزب الشيطان لابد أن يبغض حزب الرحمن.
فالواجب على المؤمنين أن يبغضوهم ولا يحبوهم وألا يكونوا كما قال الله تعالى: ((هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ)) [آل عمران:119].
لكن مع الأسف هذا هو الواقع الآن، وكأن هذه الآية تنطبق علينا (100%) نعظمهم، ونعظم أحوالهم وأمورهم، وهم لا يقيمون لنا أدنى وزن، وهذا من العقوبة، نتيجة لأننا لم نقم حقيقة الولاء والبراء وملة إبراهيم عليه السلام حيث أعلنها صريحة: ((إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) [الممتحنة:4]، ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)) [البقرة:120].
والآن والله إن العربي إذا دخل في دينهم فإنه محتقر، لأنه كان عربياً، ومسلماً فهو محتقر، فما بالك بمن لم يدخل في دينهم كيف يكون احتقاره؟
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال إخواننا المسلمين.
فلا تشارك في هذه الحفلة التي يودع فيها النصارى، ولا تأكل من طعامها ولا تشرب من شرابها.