العلمانية فكر إلحادي
السؤال: نرجو من فضيلتكم أن تبين لنا ما هي العلمانية، ومن أسسها، وما هي أهدافها باختصار؟
الجواب: العلمانية فكرة إلحادي أوروبي نشأ في أوروبا, معناه: أن تفصل الحياة عن الدين, وأن يكون الدين في دائرة معينة, وهو أن تعبد الله في الكنيسة فقط, وجعلوا رجال الدين متخصصين وهمهم وغايتهم أنهم يعرفون الناس بما في الإنجيل, ولا يتصرفون في الحياة العامة على الإطلاق, لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الشئون الاجتماعية, ولا في جميع أمور الحياة, قالوا: هذه تخرج عن الدين، ويشرعون شريعتهم من عند أنفسهم, بالبرلمانات وفي اللجان وفي رجال القانون وأمثال ذلك, وأُبقي للدين أي: الكنيسة فقط, فلما جاءوا إلينا قالوا المسجد فقط, فلا تقام أحكام الإسلام, ولا حدوده, من الولاء والبراء, ومعاداة المشركين, وموالاة المؤمنين, فلا يريدون إقامة الحدود, ولا يريدون أن تكون مناهج التعليم إسلامية, ولا يريدون أن يكون الإعلام إسلامياً, ولا يريدون أن يكون الاقتصاد إسلامياً, ويقولون: الدين ليس له دخل في السياسة، والدين فقط أن تصلي إذا أحببت, هذا هو مجمل مفهوم العلمانية.
وأول دولة علمانية قامت في العصر الحديث هي فرنسا بعد الثورة الفرنسية, وأول دولة علمانية في العالم الإسلامي هي تركيا, ثم أصاب الداء وانتشر في بعض الدول, وبعضها أقل من بعض, وبعض المجتمعات تتفاوت في تطبيق العلمانية, وكثير من المسلمين, تسرب إليهم هذا المبدأ عن جهل أو عن تقليد للغرب, فيقول: هذا الدين ليس له دخل في شئون الحياة -والعياذ بالله- وهذا من الكفر؛ لأنه إنكار لما أنزله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من الأحكام الشاملة الكاملة الخالدة إلى قيام الساعة, ولأنه شرك في عبادة الله وطاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, لأن الله عز وجل أخبر عن اليهود النصارى فقال: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ))[التوبة:31] قال عدي بن حاتم لما قرأ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه هذه الآية: يا رسول الله! ما عبدناهم -وكان قبل ذلك نصرانياً- قال: {ألم يكونوا يحلون لكم الحرام، ويحرمون عليكم الحلال, فتتبعوهم, قال: بلى, قال: فتلك عبادتكم إياهم} أي: أصبحوا أرباباً لكم نتيجة ذلك؛ والتحليل والتحريم في السياسة والاقتصاد والاجتماع وفي الشئون المدنية وفي الشئون العسكرية، وفي أي مجال هو لله وحده: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ))[الشورى:10] ومن قال غير ذلك؛ فإنه معترض على كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.