الدعوة والعلم
السؤال: فضيلة الشيخ: هل يجوز الدعوة لهذا الدين العظيم بعلم قاصر بأمور الإسلام، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الناس في هذا الأمر على طرفين:
الأول: طرف يدعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على زعمه, فيقف ويتكلم ويحاضر ويدعو، ولكن على جهل في التوحيد الذي هو الأساس، ثم في بقية الأحكام!! وهذا لا يجوز؛ لعدة أمور منها: القول على الله بدون علم, وهذا من أكبر الفواحش, يقول الله تبارك وتعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [الأعراف:33], فجعل القول على الله بغير علم بعد الشرك, لأنه أعظم خطورة من الشرك, ومنها: أنه يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وهو لم يقله, فينطبق عليه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار}, وفي رواية: {من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار}.
الثاني: الطرف الآخر يقول: أنا لا أدعو إلى الله -وقد يكون عالماً- لأني لا أستطيع أن أجيب على أسئلة الحاضرين في الصلاة أو في الزكاة أو في المعاملات أو في الربا أو غيرها، فالأحسن لي ألا أدعو!!
فنقول له: يا أخي! قم ادعُ الناس إلى التوحيد الذي تعرفه, وإذا سألوك عن الربا, قل لهم: اسألوا العلماء, لكن أنت إذا كنت تعرف أن الزنا حرام, فبين لهم أحكام الزنا, وحرمته والوعيد فيه.
فالمقصود أن كل ما تعلم أنه من دين الله عز وجل, فيجب أن تدعو إلى الله به, وما لا تعلم فقل: لا أعلم, ولو أننا لم ندع إلى الله إلا إذا كنا مثل العلماء الكبار, لما وقف خطيب جمعة ولا واعظ ولا ناصح ولا محاضر, لأننا طلاب علم, لكن نقول: الذي نعلمه ندعو إليه، ومع ذلك نحرص على طلب العلم, ونحرص أن نتعلم, وندعو الناس إلى ما نتعلم، ونتأكد من صحته, وهذا هو طريق الدعوة إلى الله، كما كان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فإذا تعلمت التوحيد فادع إليه, وإذا تعلمت الأحكام فعلِّمها, وإذا حفظت القرآن فحفِّظه, وهكذا , هذا هو الطريق الوسط الذي يجب أن نكون عليه.