مقدمة لمذهب عصرنة الإسلام
يقول المقدم:
جزى الله الشيخ/ سفر على هذا الإيجاز السريع لهذا الموضوع الهام.
حقيقةً يصعب الاختيار في التيار الذي نريد أن نتحدث عنه بشيء من التفصيل، وذلك لأننا لو أردنا أن ننظر إلى خطورة التيار المختار فكلها مشتركة في تلك الخطورة، وإذا كنا نريد أن ننظر إلى قوة تأثيرها في البناء الإسلامي، فكلها -والله- مؤثرة، وإن قلنا: ننظر إلى جهة إحرازها إلى بعض ما كانت تصبو وتهدف إليه،فكلها -والله- قد وصلت إلى بعض ما كانت تصبو إليه.
إذاً: يمكن أن نختار من هذه التيارات تياراً قديماً حديثاً في آن واحد، وإن كان يحمل في العصر الحاضر هدفاً قد لا يطرأ على السابقين، والمؤسسين إلا أن أولئك قد فتحوا الباب والمجال له، وهؤلاء نفذوا من هذا المدخل "عصرنة الإسلام " أو محاولة تطويع الإسلام للحضارة الغربية، هذا من أقوى التيارات القائمة الآن، وقد سُخرت الأقلام إلى نشره وبيانه والدعوة إليه، بل إنه قد طبق في مجالات كثيرة فعلاً في كثير من بلدان المسلمين.
هذا الهدف -وإن كان هدفاً قديماً- بدأ في أوائل هذا الغزو الفكري، وكان أحد الألمان المستشرقين الذي كتب كتابين في خدمة هذا التيار أحدها باسم "عصرنة الإسلام"، وفرق فيه بين الإسلام في العصور الوسطى، والإسلام الحديث الذي يجب أن يكون عليه الإسلام، وهذا لعله من أوائل من تحدث في هذا الموضوع أو فتح الباب للحديث في هذه القضية.
ولهذا التيار مداخل متعددة، وأول هذه المداخل : الطعن في مصادر هذه العقيدة وهذا الدين، ولا يخفى على عاقل أن الطعن في الأصول والمصادر طعن في الأصل، والطعن في حملة هذه الأصول هو طعن فيما يحملون، وقد سلط الضوء على السنة النبوية، خاصة في هذا العصر وفي هذه الأيام بالذات، لمحاولة الطعن فيها بكثافة، وإن كان هذا ليس بجديد، إلا أنه يخدم أهدافاً بعيدة قد لا تطرأ على المشاركين والحاملين لهذه الأقلام في هذه القضية.