المادة    
دعاء المسألة: هو أن ندعو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأسمائه الحسنى، وهذا أعظم شيء ندعوه بها، ودعاء العبادة هو أن ندعو الله بأعمالنا التي نتعبده بها كصلاتنا له وذكرنا له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  1. الوصول إلى الله يكون بدعاء المسألة أو دعاء العبادة

    نستطيع أن نصل إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأن نحقق له وحده التوحيد، وأن لا ندعو غيره بوسيلتين: إما أن ندعوه بأسمائه الحسنى، وإما أن نتوسل إليه بعبادتنا:
    ففي الحالة الأولى: دعوناه وحده، وفي الحالة الثانية: دعوناه بعمل عبدناه وحده به، ولو كَانَ هذا العمل فيه شائبة من الشرك لما تقبل منا ذلك الدعاء؛ ولهذا فالثلاثة الذين دخلوا الغار، لما سألوا الله، سألوه بأعمال عملوها خالصة لوجهه تعالى، فهي من تحقيق الإيمان ومن تحقيق الطاعة ومن تحقيق التوحيد؛ ولذا لمّا سألوا الله بتلك الأعمال استجيب لهم.
  2. التوحيد مفزع الأولياء ومفزع الأعداء وأساس كل خير

    التوحيد هو مفزع الأولياء كما هو مفزع الأعداء، فالمؤمن إذا حزبه أو همه أمر يفزع فيسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خالصاً من قلبه، فيتحقق له دعاؤه بتوحيد الله في الدعاء، أو بدعائه بأمر أخلص فيه فيدعوه وحده، ويدعوه بعمل طاعة أخلص فيها لله، فهذا مفزع أوليائه وأصفيائه، وهو كذلك مفزع أعدائه، فإذا حز بهم أو أهمهم أمر وأرادوا أن يستجاب لهم دعوا الله مخلصين له الدين فيستجاب لهم.
    إذاً: التوحيد هو أساس كل خير، فهو الذي يحقق للإنسان الخير سواء كَانَ مؤمناً أو كافراً، لأن الكافر يخلص في تلك اللحظة لكنه بعدها ينتكس عَلَى عقبيه، وهذا أيضاً يكون للمؤمنين ولكن فيما دون الشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  3. عدم إظهار النفس البشرية افتقارها إلى الله

    النفس البشرية لا تظهر افتقارها إِلَى الله في كل حال من الأحوال، ولو أننا أظهرنا فقرنا وتضرعنا وانكسارنا وذلنا لربنا عَزَّ وَجَلَّ في كل وقت، لكنا عبيداً له في كل وقت، لكن هذه مشكلتنا ((وَإِذَا مَسَّ الإِنسَان الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ)) [يونس:12].
    فالإِنسَان في حالة الشدة يعترف ويقر بفقره إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، فيعاهد نفسه عَلَى أن يستمر عبداً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا عافاه الله بعد المرض أو أغناه بعد الفقر نكص عَلَى عقبيه، كما قال الله عن المنافقين ((وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)) [التوبة:75-76] وهذا ليس خاصاً بالمنافقين بل حتى المؤمن قد يقع منه ما يشبه ذلك أو يقاربه.