هناك قاعدة عظيمة علمنا إياها سلفنا الصالح وهي:
علامة قبول العمل، أو أن من علامة قبول الطاعة أن يتبعها العبد بطاعة، وإن من علامة رد الطاعة -نسأل الله العفو والعافية- أن يتبعها العبد بالمعاصي؛ لأن لكل شيء أثراً؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل القلوب كذلك، فإذا تأثر القلب بالإيمان، والتقوى، والخشوع، والرغبة فيما عند الله، فمن المحال أن يتبع ذلك بمعصيةٍ ظاهرة، وبإعراض وعزوف عما عند الله، وإنما يتبع ذلك بالخير، والصلاح، والمحبة، وزيادة الحرص على ما يقربه إلى الله تبارك وتعالى.
إذاً هذه علامة جعلها السلف الصالح حين رأوا ونظروا في قلوبهم، وفي أحوالهم، وفي تعاملهم مع الله عز وجل نظروا فوجدوا أن هذه هي فطرة النفس، وهذه بإذن الله علامة قبول العمل عند الله عز وجل؛ وذلك لأن الطاعة إن لم تقبل لم تنفع؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ))[المائدة:27] فمع التقوى تقبل، فإذا قبلت حصل المطلوب بإذن الله عز وجل.
وثمرة هذا الإيمان، وثمرة هذه الطاعة هو الخشوع والتقوى، التي من أجلها تَعَبّدنَا الله تبارك وتعالى بهذه الأعمال، ولهذا قال تعالى: ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)) [الحج:37].
فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يريد منا هذه التقوى، ويريد منا الله تبارك وتعالى أن تكون قلوبنا منيبةً، مخبتةً، خاشعةً، صابرةً، متوكلةً، ترجو الله، وترجو ثوابه عز وجل، هذا هو الأساس.
إذا كانت القلوب بهذه المثابة، وبهذه الحالة، أثناء موسم الخير، فلا بد أن يظهر ذلك جلياً - إن شاء الله- بعد انقضائها، وكل منا حسيب نفسه، يجب أن نُحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب.