والكوثر ليس مشقوقاً في الأرض كما جَاءَ في بعض الروايات وإنما يجري فوق الأرض، حتى يكون الأخذ منه أسهل، ويكون الامتنان به أعظم، وهو أغرب للعقل البشري بأن يرى الإِنسَان نهراً يجري هكذا فوق الأرض وليس مشقوقاً، نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلنا ممن يَرِدُه إنه عَلَى كل شيء قدير.
يقول: {يُخْتَلجُ العبدُ مِنْهُم}، والاختلاج يشبه الانتهاب أو الاختلاس، يأتي أناس يردون فيتقدمون ليشربوا من الحوض فيختلجون ويجذبون من بين الذين يردون عَلَى الحوض.
فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {يا رب! إنه من أمتي} فانظر إِلَى شفقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورحمته بأمته! يرجوا أن لا يختلج ولا يذاد ولا يطرد أحد عن الحوض.
فيقال لي:
{إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك} العلة في طردهم أنهم أحدثوا بعدك أموراً تقتضي أن يطردوا وأن يذادوا.
ثُمَّ ذكر لفظ
مسلم:
{إنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ} والحوض في العرصات يشخب فيه ميزابان يصب من النهر الذي ورد كما في حديث الإسراء أنه في الجنة في السماء السابعة، فهو نهر غريب بصفته، وكذلك في أرضه كما يذكر
القرطبي -رحمه الله تعالى- أن الأرض التي يكون عليها هذا النهر ليس في هذه الأرض وإنما هي الأرض المبدلة
((يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ))[إبراهيم:48] فهو في السماوات المبدلة التي تكون يَوْمَ القِيَامَةِ.