السؤال: هل يكتفي طلاب العلم بأخذ العلم في المحاضرات والندوات، أم عليهم أن يحضروا الحلقات العلمية المتخصصة؟
الجواب: إن الصحوة الإسلامية والدعوة إلى الله تخاطب نوعين من الناس، ولا حرج في هذا التقييم ولا غضاضة فيه، لأن الله سبحانه هو الذي قسم، وهو الذي فضل بين الناس، في المال وفي الفهم... وغيرها.
والناس نوعان:
أ- طلبة العلم.
ب- وبقية الناس من العامة أو من كان مثلهم.
أما طلبة العلم: فيخاطبون بالعلم، بقول الله وقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الحلقات العلمية الثابتة، بكتاب يقرأه من أوله إلى آخره، وبآيات أو أجزاء يحفظها حتى يكمل كتاب الله... وهكذا، فيخاطب بالعلم وبالفقه وبالأدلة.
وأما العامة: فيخاطبون بالمواعظ وبالكلمات العامة، وبالندوات والمحاضرات العامة، وما أشبه ذلك،حتى يعرفوا قيمة العلم وأهله ويستجيبوا له، فإذا كان غذاء طلبة العلم منحصراً أو مقتصراً على غذاء العامة، فهذا من الخطأ، فكون طالب العلم لا يسمع إلا مواعظ عامة وكلاماً عاماً ولا يقرأ في كتاب، ولا يقرأ على شيخ، ولا يلتزم حلقة علم هذا خطأ، وهذا ينتج مع الزمن جهلاً مطبقاً وإن كان هناك حماس وعواطف طيبة لكنها لا تغني عن العلم التفصيلي بالأدلة.
حتى الذين يهتدون من العوام، بعضهم يهتدي بحكم أو بعبر أو بأمثال أو بكلمة خير، لكن هل يكفي ذلك عن التفقه في الدين؟
فإذا سأل الناس في الحلال والحرام لم يجد من يفتيه؛ لأنهم كلهم مثله.
فيجب أن يكون في الأمة علماء، والعلم لا بد له من جهد ومن جهاد ومن تعب في الحلقات العلمية.
وتأتي قضية أخرى وهي أننا إذا أقمنا درساً علمياً في مسجد، وجاء عشرة أو خمسة طلاب، فإن بعض المدرسين يقول: والله لم يأت إلا خمسة طلاب وما أستطيع أستمر على ذلك.
وبعض الطلاب يقولون: أتينا أربعة فقط إذاً لا نستمر، وهذا خطأ، فبعض الحلقات العلمية في الحرمين، من ثلاثين سنة وأربعين سنة في
مكة وفي
المدينة فيها عشرة طلاب أو خمسة طلاب وما مل الشيخ وما مل الطلاب.
والعلم طلابه قليل، والعلماء حتى من الصحابة قليل، ولكن يجب أن يكون منا علماء، في المنطقة خمسة علماء.
فعلى المدرس ألا يمل الطلاب أو الحضور، ولا تنظر إلى عدد الحضور في المحاضرة وأن عددهم قليل، وأنت فتحت درساً ولم يحضر إلا عشرة طلاب فقط، لأن هناك فرق، وإن كنا نحث الإخوان جميعاً على العلم، لكن العلم فيه أخذ وعطاء بين الشيخ والطلاب، وفيه تفصيل في الأحكام، وفيه أشياء لو حضرها العامة لا يستفيدون، وهم معذورون إن لم يحضرو الدرس.
فيجب أن نحرص جميعاً على العلم، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين}.
فنسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يُعلمنا من كتابه وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما نعرف به الطريق إليه، وإلى أحكامه وشرعه، وسنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.