السؤال: نظراً لازدحام الكلية المتوسطة للبنات في
الباحة اضطر بعض الناس إلى إرسال بناتهم إلى
مكة و
جدة للدراسة في الجامعة والسكن هناك، كل ذلك حرصاً على المال بعد التخرج، فما هو رأيكم في ذلك؟
الجواب: الكلية المتوسطة نفسها في
الباحة ينبغي ويجب أن نتحفظ على إدخال بناتنا فيها لأسباب كثيرة، وأنا لا أعلم عنها إلا الخير، لكن أنا أقول: ما فائدة المواصلة وما قيمة الدراسة؟
الفتاة خلقت لتكون أماً وهكذا أراد الله سبحانه، لتكون أماً ومعلمة أجيال ومربية هدىً وخير، والأمر الرباني الإلهي في القرآن: ((
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))[الأحزاب:33].
فالمرأة إذا قرت في بيتها ولم تتبرج ولم تخرج وصلت فرائضها وأطاعت زوجها، فهي الملكة، وهي المتقية، وهي التي لها خير الدنيا والآخرة، فالبيت مملكتها التي لا ينافسها فيها أحد، وهذه هي غاية السعادة التي تطمع إليها كل امرأة في الدنيا، حتى الغربيات الفاجرات.
الآن حركات قوية تطالب بالعودة إلى البيت، يريدون أن تعود المرأة إلى البيت وأن تترك العمل، وبدأت دول كثيرة -أكثر دول
أوروبا- تعطي إعانات للمرأة إذا تزوجت ثم تعطي إعانات للمولود الأول، ثم للثاني أكثر، ثم للثالث أكثر من مجموع الطفلين الأولين.
سبحان الله! الكفار بدءوا يفيقون، ويرجعون، ونحن نقول: تتخرج وتواصل، وبعد أن تتخرج تخدم مثلما درست، وبعد هذا قد لا تتزوج، وإن تزوجت تشتت البيت وتشتت الأبناء، وإن كان الحل هو الخادمة، جئنا بمصيبة على مصيبة وذنب على ذنب، وإن ضاع الأبناء وضاع الزوج وضاعت حقوقه فكلها مصائب، وفي النهاية إما أن تستقيل، وإما أن تمرض، وما أكثر الأمراض النفسية.
واسألوا الذين يُدرِّسون -ونحن باشرنا التدريس- فالتدريس إجهاد وإنهاك، ومعاشرة الأطفال أو الطلاب مجهدة، فكيف بالمرأة الضعيفة المسكينة التي تأخذها الدورة الشهرية، ربع الشهر تقريباً أو أكثر، والتي أعصابها لا تتحمل، والتي تأتي ورضيعها في البيت يبكي، وتأتي تدرس البنات، فتجد المشاغبة، والإزعاج، وتجد المفتشة تدقق عليها في الدفتر، انهيارات وأمراض نفسية وعصبية، كل ذلك تتعرض له هذه المرأة المسكينة، ونحن نقول: حتى تخدم وطنها، وحتى تتقدم وحتى تفعل وتفعل...، مع أن الخدمة العظمى هي أن تقر في بيتها، وتحسن إلى زوجها وإلى أبنائها.
أقول: لو أن هذا كان في أي كلية وإن كانت متسترة ومحجبة ومحصنة وموجودة عندنا، فكيف الذي يرسل بناته أو بنته لتسكن في سكن جامعة جدة أو غيرها؟!
حقيقة يجب أن نقولها وقد قلناها في
جدة ولا تخفى على أحد -والحمد لله- وهي أن الفساد الموجود في السكن الجامعي في
جدة يندى له الجبين، قد قاومه الدعاة، وقاومته الهيئة، وقاومه المخلصون في داخل الجامعة، وتعبوا من ذلك أشد التعب، حتى في جامعة أم القرى وهي جامعتنا، لا يمكن أن يخلو السكن من مفاسد ومن اختلاط، فبنت فاسدة واحدة تفسد بأنواع من المفاسد لا تخطر على بال بنات هذه المنطقة، لأنها منطقة محافظة -والحمد لله- وفيها خير كثير لكن هناك فساد كبير، والفساد كما ينتشر بين الأولاد ينتشر بين البنات بأنواع كثيرة.
وأي رجل لديه غيرة يرضى أن يقيم هاهنا والبنت في السكن هناك؟!
وعندهم دفتر طويل عريض، فيه أربعة عشر قائمة، خروج للرحلات إلى البحر، تسويق، حفلات،والأب يوقع على أن يسمح لابنته أن تخرج من السكن إلى هذه المناطق، أربعة عشر بنداً من بنود الخروج، والأب الذي لا يوقع كيف تنظر له بنته؟
حجرها وضغطها وفعل بها، والآباء كلهم يوقعون، وأكثرهم لا يقرأ، يعطونه الدفتر فإذا قيل له: وقع فإنه يوقع، وإذا بها تخرج لا يدري أين تخرج، تذهب لا يدري أين تذهب، فإذا وقعت المصيبة -نسأل الله العفو والعافية- يتمنى الواحد أن يفتدي بماله وبدمه وبأسرته جميعاً، يتمنى لو احترق البيت على أهله كلهم وماتوا ولا يقع في مصيبة من هذه المصائب عافاني الله وإياكم منها.
فلماذا ندفع بأنفسنا إليها، ونحن -والحمد لله- نستطيع أن نكون بعيدين عنها، الفساد قائم وموجود، ولو لم يكن فيها ذلك الفساد، فإن مجرد ذهابها إلى هناك في بلد غُربة بمفردها شر وفساد، ومجرد المواصلة فيها من المحظور ما ذكرنا، وما أشرنا إليه، واللبيب يفهم بالإشارة.