إن الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هي دعوة إلى أن يتحرر الإنسان من العبودية لغير الله، من العبودية للأصنام والكواكب والشجر والحجر والبشر، وكل طاغوت يُعبد من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومجداً وكفى عزاً أن نجد من يدعونا إلى أن نكون عبيداً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذا هو غاية العز وغاية الحرية، وأما العبودية لغير الله فهي الذل الأكبر، وإن كان بعض الناس يظن أنها حرية أو أنها متاع وخير، فلا خير فيمن عصى الله ولا فيمن لم يطعه. فالدعوة إلى الله هي دعوة للعدل وللقسط في زمان ظهر فيه الظلم في الدنيا كلها، فالعالم كله اليوم يشكو من الظلم، والجور، ويشكو من الطغيان، والانحراف، والضلال، فالعقوبات الربانية القدرية -كما ترون- من الزلازل والنكبات والمحن والفتن والحروب في كل مكان، ولا حل لذلك إلا بالدعوة إلى الله، فإذا نشرنا الدعوة إلى الله ارتفعت المظالم، وردت الحقوق والأمانات إلى أهلها، وعرف كل إنسان ما له وما عليه، واستقامت حياة الناس التي لا تستقيم بأي نظام إلا بشرع الله وبهدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والدعوة إلى الله دعوة إلى الإحسان في زمان ظهر فيه الشح والخيلاء، وظهر فيه الفخر، والتنافس على الدنيا، وأصبح الإنسان سخياً كريماً جواداً في الفخر والخيلاء والترف الكاذب والبذخ والعمل لغير وجه الله تبارك وتعالى. فإذا جاء داعي الإحسان وإذا جاءه من يستحق الخير والرحمة، كان شحيحاً قتوراً إلا من عرف الله، واهتدى بهدى الله، وسار في طريق الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فالدعوة إلى الله ترفع جميع هذه المظالم، والمشكلات، فالدعوة إلى الله تصحيح لأوضاعنا الاجتماعية، ونحن نعيش في أوضاع اجتماعية فيها سوء وخطأ وخلط وانحراف، ولن يصحح هذا كله إلا الدعوة إلى الله. بعض الناس يقولون: نشر التعليم يصحح هذه الأحوال، وقد نشر التعليم وانتشر، فما ازددنا إلا جاهلية جديدة، جاهلية مقنعة بالعلم انضمت إلى جاهلية متسترة بالجهل، فالعلم وحده لا يكفي، وأي علم هذا؟! إن كان علماً يُقرب إلى الله ويهدي بهدى الله فنعم! وأما إن كان مجرد علم مما يراد به غير وجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذا لن يهدينا صراطاً مستقيماً، ولن يحل مشكلاتنا التي نعاني منها. فالمرأة تعاني من هضم حقوقها، وتعاني من الإجحاف بها، وتعاني الأسرة -أيضاً- من تسلط واليها، والأبناء من ظلم الآباء، والآباء من عقوق الأبناء، والأرحام من قطيعة أرحامهم،كل هذه المشاكل نعيشها ونعلمها، ولا حل ولا مخرج إلا بهدى الله وبالدعوة إليه سبحانه وتعالى، وبنشر ما جاء من دين الله وشرعه ووحيه بين الناس ليفقهوا ذلك، وليسيروا على بينة من أمرهم، وعندئذٍ نجد أن كل هذه المشكلات تذهب وتتلاشى بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.