المادة    
السؤال: صدر في المنطقة فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز بشأن حكم بعض المناذير والألفاظ كقول الإنسان: انفروا به، اخسفوا به، خذوه، وغير ذلك من الألفاظ، لكن طباعتها غير واضحة وهي في المنطقة منتشرة، فما توضيح فضيلتكم لمثل هذه الأمور؟
الجواب: ما دامت توجد فتوى وهي من عالم الأمة وشيخنا ووالدنا سماحة الشيخ أثابه الله، والذي يريده الأخ هو توضيحها في ذاتها فتوضح إن شاء الله، وأما إذا أراد شرحها فأقول:
نحن بين جاهليتين -أقول هذا مع الأسف-: جاهلية ورثناها عن الآباء والأجداد, مع ما فيها من لهوٍ وطربٍ وشركيات، والحمد لله تخلصنا من أكثر ما فيها, وبقي فيها بعض الأمور، والجاهلية الجديدة هي هذا التقدم والتطور، والأسماء اللامعة. وأصبحنا نعاني بين ألفاظ هذه وألفاظ هذه، وبين معاني هذه ومعاني هذه، وبين ضلال هذه وضلال هذه.
فإن جئنا عند الأيمان فالكبار الذين بقيت عندهم من الجاهلية الأولى بقايا يحلفون بغير الله ويدعون غير الله.
وبعض جاهلية النشء الجديد، إما أنه لا يعرف الله ولهذا لا يذكره, وإما أن يحلف بغير الله إما بلفظ جديد أو بمصطلح جديد، فذاك كان يعظم الآباء والأجداد، وهذا الجديد يعظم الوطن والشرف ويقول: بشرفي، فوضْعنا نحن بين هاتين الجاهليتين.
والشرك -يا أخي- أعظم ذنب عصي الله تعالى به, ومن الشرك شرك مخرج من الملة: وهو دعاء غير الله، أو الاستغاثة بغيره، أو الذبح لغير، أو النذر لغير الله، أو التحاكم إلى الطواغيت من دون شرع الله، هذه كلها مخرجه من الملة والعياذ بالله.
ومنها شرك في الألفاظ، وهذا الشرك كالحلف بغير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو كقول: ما شاء الله وشئت أو ما أشبه ذلك، وهذا يسمى بشرك الألفاظ، أو ما يسمى بالشرك الأصغر، وكونه أصغر أو أنه لا يخرج من الملة، لا يعني كونه هيناً، فالشرك أكبر من أي كبيرة غير الشرك ولذلك يقول عبد الله بن مسعود [[لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً]] -والعياذ بالله- لا يمكن أن يحلف رضي الله تعالى عنه بغير الله، والحلف بالله كاذباً هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار، وهي من الذنوب الكبار، ولكن مع ذلك هي أخف من أن يحلف الإنسان بغير الله وإن كان صادقاً في يمينه؛ لماذا؟ لأن الشرك أعظم من بقية الكبائر.
وبعض الناس يقول: أنا ليس قصدي أن أدعو الجن -وهذا كلام تعودناه- فنقول: هذا من شرك الألفاظ، فإن سلمت من الشرك الأكبر ولم يكن هذا دعاء لغير الله وكفراً به -عياذاً بالله- فأين السلامة من شرك الألفاظ الذي هو أعظم من الكبائر الأخرى، كالزنا أو شرب الخمر أو عقوق الوالدين، عافاني الله وإياكم؟ فلنحذر من الشرك دقيقه وجليله.
يقول بعض الإخوة إذا غُلِبت وقلت مثل هذه الألفاظ وقلت افعلوا به أو كذا؟
نقول: نعم ديننا لا يوجد فيه شيء إلا وله حِكمه والحمد لله، والصحابة كانوا في الجاهلية يحلفون بآبائهم، وكانوا يحلفون باللات والعزى كعادة الجاهلية... فلما أشرق عليهم هذا النور وعرفوا التوحيد كفّوا عنه، ولكن دائماً إذا تعودت على شيء في عمرك كله، لا يمكن أن تغير هذه العادة في لحظة، فيغلب أحدهم على لسانه ويقول: "واللات.. وأبي" فماذا عليه؟ يوحد الله.. فيشهد أن لا إله إلا الله؛ لأن كفارة الشرك هي التوحيد، أو هي شهادة أن لا إله إلا الله، فعندما تنذر بهذه المناذير الشركية وتتذكر وتقول: لا إله إلا الله وتستغفر الله وتتوب مرة ومرتين وثلاث فإنك ستقضي على هذه العادة السيئة إن شاء الله تعالى.