وقال: "وكذلك ما قدره حق قدره من قال: إنه لم يرسل إلى خلقه رسولاً، ولا أنزل كتاباً، بل نسبه إلا ما لا يليق به ولا يحسن منه من إهمال خلقه وتضييعهم وتركهم سدى، وخلقهم باطلاً وعبثاً".
وفي هذا الكلام رد على منكري الشرائع، وفيه أيضاً ترتيب أنواع الكفر والكفار، فإن أعلى درجة من درجات الكفر كفر الفلاسفة، فهم أشد الناس كفراً، فإن منهم من ينكر النبوات والشرائع بالجملة، وفي القديم كان هناك قلة من الناس تسمى الفلاسفة، أما الآن فقد أصبحت أمم الغرب الآن بأكمله تقريباً على مذهب الفلاسفة؛ فـالشيوعية والنازية والفاشية كل هذه تنكر النبوات والوحي، فأكفر وأعلى درجات الكفر هم هؤلاء، فابتدأ بهم.
إذاً: من قال: إن الله تعالى لم يرسل إلى خلقه رسولاً ولم ينزل كتاباً، هل قدر الله حق قدره؟ كلا والله..! لأن معنى كلامه هذا: أن الله سبحانه وتعالى أهمل الخلق وتركهم سدى -وقد فسر الإمام الشافعي رحمه الله، السدى بأنه الذي لا يؤمر ولا ينهى- وتركهم هملاً وخلقهم عبثاً، وهذا غاية سوء الظن بالله، هؤلاء ما قدروا الله قدره، فقالوا هذا القول.