العبودية المتضمنة غاية الحب مع غاية الذل
ثم يقول: "من خصائص الإلهية: العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما: غاية الحب مع غاية الذل" هذا تمام العبودية، وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الأصلين؛ فمن أعطى حبه وذله وخضوعه لغير الله فقد شبه به في خالص حقه، وهذا من المحال أن تجيء به -يعني: بهذا التشبيه- شريعة من الشرائع به، وقبحه مستقر في كل فطرة وعقل، ولكن غيرت الشياطين فطر الخلق وعقولهم وأفسدتها عليهم واجتالتهم عنها" كما جاء في حديث عياض بن حمار : {وإني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللته} فالذي صرف الفطرة وحرفها في الأصل القديم هم الشياطين، ثم حرفها البشر أيضاً في حق الآحاد من الناس كما قال صلى الله عليه وسلم: {فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه} فالإنسانية كانت على التوحيد حتى صرفها الشيطان إلى الشرك، والآحاد: الأفراد من الناس؛ يولد كل مولود على الفطرة حتى يهوده أبواه أو يمجسانه أو ينصرانه أي: يصرفانه ويحولانه من التوحيد إلى الشرك ويجعلانه يدين بدينهما، فيكون يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً.