ولهذا كان من دعائنا في كل ركعة من صلاتنا من نفل أو فريضة أن نقول: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ))[الفاتحة:6-7] وهذا الدعاء كما ذكر العلماء رحمهم الله: الصحيح تكرره وتجدده ليس لمجرد التثبيت على الحق، مع أن الثبات على الحق مطلوب، وسؤال الله تبارك وتعالى التثبيت عليه أمر عظيم؛ ولكن لتجدد حاجة الإنسان إلى معرفة الصراط المستقيم في كل وقت وفي كل حين، فنحن نحتاج أن يهدينا الله عز وجل, وأن نعرف الصراط المستقيم وأن نستقيم عليه دائماً في كل أمرٍ من أمورنا، وإلا فالإسلام الحمد لله قد عرفناه، ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا عليه.
التكرار بأننا ضمن اسم الإسلام وأعماله ومفهومه العام نحتاج إلى الصراط المستقيم لتصلح أمورنا وتستقيم أحوالنا؛ فإن العبد معرض للشهوات كما هو معرض للشبهات، وقد يزيغ من هاهنا أو هاهنا، ولذا قال قتادة رحمه الله وغيره من السلف في قول الله تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:3] قال: [[يجعل له مخرجاً عند الشبهات وعند الكرب]]، فإن الشبهات تعرض على بعض القلوب، فلا يستطيع الإنسان أن يتخلص منها فربما أمرضته، وكم من شباب هداهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وجاءتهم الشبهات حتى أذهبت إيمانهم -عياذاً بالله- أو أدخلتهم في الوسوسة أو الشكوك، ولذلك يحتاج الإنسان أن يتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليعصمه الله بهذه التقوى، ويجعل له مخرجاً من الشبهات وكذلك من الشهوات.