السؤال: كما هو معروف في اعتقاد
أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهل هذا المؤمن العاصي تقبض روحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، أفتونا مأجورين، مع ذكر الدليل إن وجد؟
الجواب: الذي جاء في الحديث الطويل -في
المسند- أن المؤمن تقبض روحه ملائكة الرحمة، وأن الكافر أو المنافق تقبض روحه ملائكة العذاب، ولكن كون المؤمن الذي ختم له في النهاية بالإيمان، فإنه تقبض روحه ملائكة الرحمة، ولا يعني ذلك أنه قد لا يعذب، بل جاء ذلك في حديث صحيح، هو أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {
من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، دخل الجنة} وإن عُذب قبل ذلك، وإن أصابه ما أصابه، فالمؤمنون تقبض أرواحهم ملائكة الرحمة، وإن كانوا عصاةً -هذا الذي يظهر لي إلى حد الآن والله تعالى أعلم- ثم بعد ذلك قد يعذب ثم يكون مصيره إلى الجنة.
ولا شك أن خروج الروح وقبضها واستقبالها يتفاوت فيه الناس مثل تفاوتهم في أعمال الإيمان، فمن الناس من اهتز -مثلاً- لموته عرش الرحمن، كـ
سعد رضي الله تعالى عنه، فهذا قبض روحه يختلف عن قبض روح أي مسلم، وهكذا.
فحتى هذه الأمور يدخلها التفاوت، وحتى استقبال الأرواح يدخله التفاوت، وفي آخر سورة الواقعة، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما ذكر قوله: ((
فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))[الواقعة:86]، قال: ((
فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ))[الواقعة:88].
ثم ذكر أصحاب اليمين فذكر فيها استقبال المقربين أنه غير استقبال أصحاب اليمين والمقربون السابقون هم الذين أدوا جميع الواجبات وتركوا جميع المحظورات، وأتوا بالإيمان الواجب كاملاً، ولكن أصحاب اليمين هم قوم اقتصروا على الإيمان الواجب بدون مكملاته التي هي المستحبات، فهؤلاء أدوا الفرائض فقط، وأولئك زادوا بالتقرب في أعمال البر، فكان أولئك سابقين , وكان أولئك أصحاب اليمين، وكلاهما يستقبل على أنه مؤمن، لكن هذا استقباله يختلف عن الآخر، أما إن كان من أصحاب الشمال -والعياذ بالله- فأولئك لهم استقبال آخر، نسأل الله عز وجل أن يعافينا وإياكم منه.