المادة    
السؤال: هل تارك الصلاة كافر يخرج من الملة، كما قال بعض العلماء؟
الجواب: أنا أورد -إن شاء الله- الأدلة على تكفير تارك الصلاة:
بدايةً: الأحاديث التي ورد فيها ترك الصلاة، ورد فيها الكفر المعرف بالألف واللام، وهو الكفر المطلق بخلاف قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وقتاله كفر} فإن كلمة (كفر) هذه كلمة مجردة تطلق على المعاصي، كما قال: {لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض} لكن هنا قال: {بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة} فهذا (الكفر) المعرف بالألف واللام، الذي هو من حقيقة الكفر، دليل على أنه كافر.
دليل آخر: إجماع الصحابة، وإجماعهم حجة لا يجوز مخالفتهم، وقد رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن شقيق رضي الله تعالى عنه أنهم أجمعوا على أنه كافر، وقال عبد الله بن مسعود في تارك صلاة الجماعة: [[وقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق]] وهنا في صلاة الجماعة، فما بالك بترك الصلاة! والمقصود تركها بالكلية، أما من كان يصلي مرة ويترك مرة، فهذا كالمنافقين، يأخذ أحكام الإسلام الظاهرة، لكن يدخل في الإيمان مرة ويخرج منه مرة، لكن إن تركها بالكلية، فهو خروج من الإسلام بالكلية.
أيضاً قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح الذي فيه ذكر الولاة وجور الولاة في آخر الزمان: {قالوا: يا رسول الله! ألا نقاتلهم، قال: لا. ما لم تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان} فلا يجوز مقاتلتهم إلا إن فعلوا الكفر البواح، وفي الحديث الآخر روايات صحيحة أخرى يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا. ما أقاموا فيكم الصلاة} وفي رواية أخرى صحيحة أيضاً: {قال: لا. ما صلوا} وكل هذه الروايات في البخاري ومسلم، فعرفنا أن ترك الصلاة كفرٌ بواح عندنا فيه من الله برهان.
وكذلك القياس على أركان الإيمان الباطنة، فبعض العلماء يقيس أركان الإسلام الخمسة الظاهرة على أركان الإيمان الستة الباطنة، ولذلك ذهب جمع من الصحابة إلى أن من ترك ركناً من أركان الإسلام مصراً بقلبه فقد كفر، ولذلك ورد عن علي وعمر وابن عباس أن من أصر بقلبه على ألا يحج ونوى ذلك فهو كافر، واحتجوا بقول الله تبارك وتعالى: ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ))[آل عمران:97] ومن الأدلة أيضاًَ: الصلاة والزكاة، نُص عليهما في حديث ابن عمر: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة}.
ونُص عليهما بنص القرآن بقول الله تبارك وتعالى: ((فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)) [التوبة:11] فالصلاة والزكاة عملان متكرران وظاهران، فالصلاة يجب أن يؤديها، وإن أداها وهو كاذب في الأصل نفسه، ولكن يجب أن نراه وهو يؤديها، والزكاة حق مالي لله يجب أن يؤديها أو نأخذها منه قهراً وقسراً، لكن الصيام عبادة خفية قلبية، يمكن لأي إنسان أن يظهر لنا أنه صائم وهو ناوٍ بقلبه أنه مفطر، ولا يكون صائماً، وممكن أن نقول له: حج، ويقول: وقت الحج موسع، فهو مرة في العمر، فأنا سأحج، لكن هذان الركنان نص عليهما أساساً لتكررهما.
ومن الأدلة -أيضاً- على أن تارك الصلاة كافر: إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على قتال مانعي الزكاة وقتال المرتدين، ولذلك احتج الصديق بذلك، فقال -كما في الرواية الصحيحة-: [[والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة]].
إذاً: الصديق رضي الله تعالى عنه يقول: أنتم يا أصحاب محمد! ألستم مجمعون على أن تارك الصلاة يقاتل، فكذلك تارك الزكاة يقاتل، فإذاً ترك الصلاة كفر يخرج من الملة، وقد نقل ذلك إسحاق بن راهويه عن الصحابة ومن بعدهم، وإنما خالف في ذلك فقهاء الكوفة -أصحاب الرأي- ثم تبعهم بعض الشافعية.