إن أعمال القلب تتفاوت وتتفاضل تفاضلاً عظيماً، ولذلك المصليان اللذان يؤديان الصلاة في صف واحد، وهذا يصلي بجانب هذا، هل نقول إن صلاتهما واحدة؟ وكما تعلمون أن من المصلين من تكتب له الصلاة كاملة، ومنهم النصف، ومنهم الربع إلى العشر إلى لا شيء، لماذا، مع أن الحركات الظاهرة واحدة؟ لأن ما في القلب يتفاوت من الخشوع واليقين والإنابة والرغبة في هذه العبادة ومحبة هذه العبادة.
وجملةً نقول: إن عمل القلب يتفاوت ويتفاضل، فلهذا: صلاة هذا غير صلاة ذاك، فهذا بالنسبة لتفاضل أعمال القلب.
وأما تفاضل أعمال الجوارح، فمعلومٌ أيضاً بالبداهة، فالإنسان الذي قام بأمر الله وجاهد في الله حق جهاده، كما جاهد أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدوا جميع الفرائض، وجاهدوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشروا الدعوة، وعملوا هذه الأعمال العظيمة، فلا يعقل مطلقاً أن يقال إن إيمانهم كإيمان أحد من الناس، ولذلك قال ابن أبي مليكة، كما روى عنه ذلك البخاري: [[أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يخشى على نفسه النفاق، ما فيهم أحد يقول: إن إيماني كإيمان جبريل وميكائيل]] وقال في رواية أخرى: [[وقد خاب وخسر من قال: إن إيماني كإيمان جبريل وميكائيل]].