الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في كيفية عرض الحق
كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خطب الناس كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، فهو عندما يخطب ويعرض الحق يعرضه بقوة، وبانفعال، وبحماس، وهكذا يجب أن يكون الداعية إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في المواقف التي وقفها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بهذه القوة، وبهذا الانفعال والتفاعل مع من يعرض، يكون هذا شأنه وهذا دأبه.
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتقم لنفسه قط، لكن إذا انتهكت محارم الله -عز وجل- فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يثور ويغضب، ويظهر أثر ذلك على وجهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يقرؤه الصحابة وكل من يراه، ولكن لابد أن يتكامل الأمر حتى لا نقع فيما وقع فيه الذين من قبلنا، الذين قال الله -تبارك وتعالى- فيهم: ((فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ)) [المائدة:14] ويكون التنازع بسبب ذلك.
لو فرضنا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب يحذر الناس من الزنا، سوف يخطب بهذا الانفعال وبهذه القوة، وكيف لا وهو يحذر من هذه الفاحشة النكراء، التي نهى الله عنها وحذر منها، ولا يفعلها مؤمن حق الإيمان إلا ويرتفع الإيمان منه في تلك اللحظة حتى يكون كالظلة؟!
لكن كيف كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعامل من يأتيه فيقر أمامه بالزنى؟ أو من يأتيه يسأله أن يُحِل له الزنا؟
الحق يعرف بالقوة ((خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ))[مريم:12] ((فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا))[الأعراف:145] هذه القوة في أخذ الحق وفي عرض الحق لا بد منها، وهي من الحكمة.