إن أهداف أعداء الله من وراء تركيزهم على قضايا المرأة لا تخفى على عاقل وقد تم لهم تحقيق كثير منها، وما زالوا يطمعون في المزيد، وهذه الأهداف ممكن أن نحملها فيما يلي:
  1. تفتيت المجتمع المسلم وتمزيقه

    الهدف الأول: تفتيت المجتمع المسلم وتحطيمه وتمزيقه، وإذا مزقوه وحطموه بقي لهم وجودهم، وبقيت لهم مراكزهم، وبقيت لهم سيطرتهم عليه، كما قال أحد وزراء فرنسا وكتابها: إن الذي هزم فرنسا في الجزائر هي المرأة المسلمة المحجبة، فلابد من أخذ العبرة، ولابد من إفساد المرأة المسلمة -هكذا قالوا جميعاً- لكي تبقى السيطرة الخفية للمستعمر بعد رحيل جيوشه التي كانت تمثل الاستعمار الظاهر المكشوف.
    وتفتيت المجتمع المسلم يكون بجعل المرأة فيه تحارب الرجل، والطلاب يحاربون الجامعة، والعمال يحاربون أصحاب رءوس الأموال وأصحاب الشركات، والسلطة تحارب الشعب، ففرقوا المجتمعات الإسلامية حتى تشابه مثيلاتها من المجتمعات الغربية.
    فالمجتمعات الغربية ليس لديها شريعة تحتكم إليها، وليس لديها شرع ينظم أمورها فيعرف الحاكم مسئوليته، ويعرف التاجر واجبه، وكذلك العامل والطالب والمرأة والرجل، وكل إنسان يعرف ما له وما عليه، وإذا وقع ظلم أو حيف أو جور، فبحكم هذا الشرع يظهر مَن الظالمُ ومَن المظلومُ، أما الغرب فليس لديهم ذلك، وهذا من خصائص هذه الأمة ولله الحمد، فنحن الأمة التي تمتلك الشريعة الربانية الخالدة التي تنصف المظلوم ممن ظلمه.
    أما أولئك فليس عندهم شيء من ذلك، ولهذا لابد من هذه التكتلات، ولابد من هذه التجمعات والاتحادات والنقابات، وما إلى ذلك من الأسماء، وهي أسماء وتكتلات غريبة على مجتمعنا، وعلى أمتنا الإسلامية، فقالوا: لابد أن يكون للمرأة تجمعات وتكتلات تطالب بحقها..
    فممن يريدون للمرأة أن تأخذ حقها؟!
    ومن هو العدو الذي تحاربه المرأة؟
    ومن هو الخصم الذي تسعى المرأة إلى إثبات وجودها أمامه؟! هل هو الأخ.. الزوج.. الأب؟!
    فالمرأة في كل بيت لا تتعامل مع الرجل إلا ضمن هذا النطاق، فإما أن يكون هذا الرجل أخاً لها أو أباً أو زوجاً أو ما إلى ذلك، فكيف تنشأ العداوة بين الأخ والأخت وبين الأب وابنته وبين الزوج وزوجه، فتشتعل نار العداوة، فلا تجد الزوجة من يطالب بحقها، إلا أن تنضم إلى تلك الاتحادات والنقابات النسائية، ولا تجد البنت من ينصفها من أبيها إذا زوّجها بمن لا تريد إلا أن تلجأ إلى الصحافة النسائية والاتحادات النسائية؟!
    سبحان الله! هذه أمور غريبة على المجتمع المسلم الذي تسوده الألفة والمحبة والتعاون، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، ونصر المظلوم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
    إن المرأة المسلمة إذا خرجت وطالبت هي بحقها ضاعت وضاع حقها، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل لها من يحميها، وجعل لها من يأخذ لها حقها، حتى ولو كان الظالم لها أباها؛ فإن الله سبحانه وتعالى أعطاها الوسيلة لتأخذ حقها منه، ولكنهم يريدون أن يفتتوا المجتمع المسلم، وأن يمزقوه، وأن يدمروه بهذه الطريقة.
  2. تدمير الأمة الإسلامية والقضاء عليها

    الهدف الثاني: تدمير هذه الأمة، والقضاء على وجودها، وإعلان الحرب عليها وإبادتها بطريقة لا تثير الانتباه كما كان في الماضي.
    وهنا لابد أن نستطرد قليلاً لننظر إلى حال المجتمعات الغربية، وما تعرضت له من احتمال الانقراض، بل من حتمية الانقراض والانحطاط بسبب خروج المرأة، وعملها، والدفع بها إلى معترك الحياة.
    وكثير من الدول.. اجتمع مفكروها، وأعضاء برلماناتها، وأدباؤها، وأجمعوا على أن خروج المرأة من البيت هو مما يعجل بتقويض أركان الأمة، وهدمها وتدميرها بشرياً.
    ولا يخفى على أحد أن الطاقة البشرية هي أقوى قوة لدى أي أمة من الأمم، ففي روسيا -الدولة الشيوعية المعروفة- تعطى المرأة التي تنجب عشرة أطفال وساماً تحمله على صدرها تباهي به في كل مكان.. وسام البطولة القومية! لهذه البطلة القومية التي أنجبت للمجتمع عشرةً من العمال!
    وفي بريطانيا وفرنسا وغيرها خطط متواصلة للإكثار من النسل؛ لأنه قد تبين أن عدد الوفيات في تلك المجتمعات أكثر من عدد المواليد، وهذا يؤدي إلى تناقض أعداد هذه المجتمعات، بحيث يصبح العالم الغربي أقليةً بين الشعوب لا قيمة لها في العالم، ومن ثم ينذر بانقراضهم.
    وإيطاليا -وهي من أكبر الدول الأوروبية- تعطي إعانات لكل مولود يولد، وتشجع على الزواج، وعلى الإكثار من النسل نتيجة لذلك.
    ولا نريد الاستطراد في ذكر هذه الأمثلة، ولكننا في الجملة نشير إلى أن العالم الغربي قد فطن إلى أن خروج المرأة للعمل من أسباب وموجبات تدهور حضارته وانحطاطها؛ لأنها غالباً لا تتزوج ولا تنجب؛ مما يؤدي إلى انقراض الأمة حتماً حسب الإحصاءات وقد توصلوا إلى ذلك من دون أي رجوع إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى منهج رباني على الإطلاق.
    وأذكر لكم هنا مثالاً للمقارنة فيه بين حال المرأة العاملة وغير العاملة:
    فلو افترضنا أن البنت الجامعية تتخرج وهي في الثانية والعشرين من عمرها -في المتوسط- ولنفترض أن فتاتين تخرجتا هذه السنة وعمر كل منهما اثنتان وعشرون سنة، فتزوجت إحداهما، وتوظفت الأخرى ولم تتزوج، فكيف سيكون الحال بعد عشرين سنة؟
    من المعلوم أن التي توظفت وعملت سوف تصبح هرمة أو قريبة من الهرم، فالمرأة تهرم وهي في مملكتها وبيتها، فكيف لا تهرم عند هذا السن وهي في العمل؟!
    أما الفتاة الأخرى التي تزوجت فإنها بعد عشرين سنة -في المتوسط المعروف للمواليد عندنا- يكون لديها شاب عمره ثمانية عشر عاماً، ويليه شاب أو شابة في الخامسة عشرة، وشاب أو شابة في الثانية عشرة، وقد يكون لديها صبي أو صبية في العاشرة أو التاسعة، وصبي أو صبية في الثامنة أو السادسة، وربما كان لها أطفال في الثالثة أو الثانية.
    وسوف تجدون كثيراً من النساء في مجتمعنا في حدود الثانية والأربعين وما قارب ذلك، ولديها أسرة متكاملة: الكبير في الجامعة أو على مشارف الجامعة، والصغار من المتوسط إلى الابتدائي إلى الحضانة إلى البيت.
    وهذا فيه تجديد لحياة الأمة، فإذا وفق الله تعالى هذه الفتاة وتزوجت بشاب، فإنه بعد عشرين سنة يكون لدينا رجل وامرأة في الثانية والأربعين على قدر من الحكمة والعقل، ولديهم أسرة متكاملة، فهم فعلاً يخدمون البلد، ويستطيعون أن يسهموا في التنمية، وأن يقوموا بدور لا يمكن أن يقوم به الإنسان الأجنبي المستقدم من الخارج في أي حال من الأحوال.
    فيكون بقاء الأمة ونماؤها نتيجة لهذا الزواج، ولاختيار هذه الفتاة التي فضلت الزواج على العمل بخلاف الأخرى العجوز التي حرمت من الزواج، ومن حنان الأمومة وعطف الأمومة، وهي عجوز هرمة لا تملك شيئاً، ولم تقدم لأمتها شيئاً، إلا أنها في العشرين عاماً الماضية قد عملت أعمالاً تخللتها الإجازات المرضية، والمشاكل النفسية الكثيرة التي تتعرض لها نتيجة عدم إقدامها على الزواج، ومن ثم افتقادها إلى الحياة الأسرية.
    نقول: إن الأمة التي يوجد فيها عشرة آلاف فتاة ثم يتزوجن، فإنها بعد عشرين سنة سيكون لديها عشرة آلاف أم عاقلة، وعشرة آلاف شاب في الثامنة عشرة، وعشرة آلاف شاب في الخامسة عشرة إلى الثانية عشرة، إلى الثانية، ولكن الأمة التي تدفع المرأة للعمل خارج البيت فلا تتزوج، يكون لديها بعد عشرين سنة عشرة آلاف عجوز هرمة منهكة مجهدة، وتضطر حينئذ إلى أن تستقدم المربيات، وأن تستقدم العمال الذين يسهمون في بناء البلد وتنميته، والذين سيعملون حينئذٍ في كل المجالات، ويستفيدون بالتالي من العائد الاقتصادي لهذه الأعمال سواء أكان هؤلاء العمال رجالاً أو نساءً.
    تلك النتيجة الحسابية الرياضية توصل إليها أولئك الناس الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ونحن إن لم نرجع إلى كتاب ربنا وإلى سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -لأن هذا هو أمر الله، ولأن هذا هو أمر رسوله- فلا خير فينا؛ لأن الأعداء قد رجعوا بعد أن جربوا ودرسوا وخططوا.
    فهل يرجع المغفلون بعد أن أثبتت نتائج الأبحاث لدى أسيادهم أن خروج المرأة إلى العمل يؤدي إلى انهيار الأمة..؟!!
    لا ندري... ونرجو الله سبحانه وتعالى لنا ولهم الهداية والرجوع إلى الطريق المستقيم.
  3. استنزاف خيرات الأمة

    الهدف الثالث: استنزاف خيرات الأمة عن طريق المرأة: إن المرأة تميل إلى الإنفاق أكثر -وهذا أمر معروف لدى كل إنسان في كل مجتمع- من الرجل، وأنها أقل منه مراعاة للعواقب، وخاصةً فيما يتعلق بزينتها، أو ما يتعلق بوسائل الرفاهية بالنسبة لها أو لمن حولها، ونتيجة لذلك حرص أعداء الله على أن تخرج المرأة المسلمة، فالمرأة المسلمة التي تقر في بيتها إن لبست الثمين أو لبست الرديء، فهي في البيت مصونة محفوظة بحفظ البيت، لكن إذا خرجت إلى الشارع، فلابد لها أن تنافس مثيلاتها من النساء فيما يلبسن، وهنا نصب أعداء الله الشباك العريضة لهذه المرأة المسلمة..! عشرات الأنواع من المساحيق التي تباع بأبهض الأثمان، ويقال في الدعاية لها: إنها تجدد البشرة للمرأة فتبدو كأنها بنت العشرين، ولا يخفى ما تقوم به شركات هذه المستحضرات من استغلال وسائل الإعلام المختلفة لترويج هذه المساحيق وأدوات التجميل..! كما أن بيوت الأزياء -والتي يملكها أباطرة المال اليهود في الغرب- تخصص فساتين وأزياء للسهرة، وفساتين وأزياء للصباح والعمل، وللشتاء وللصيف وللنوم وللنزهة ولكذا ولكذا، ويبتكر تقليعات وموضات لتلهث خلفها المرأة، فما يأتي موعد راتبها أو راتب زوجها في نهاية الشهر إلا وقد جمعت من هذه الموضات ما تريد أن تستنفد به ربع الراتب أو ثلثه، وربما كله، وكل هذا من أجل أن تواكب هذه الموضات، وتلاحق هذه التقليعات والصرعات. فتكون النتيجة: أن المرأة المسلمة حين تخرج للعمل فإنها تضيّع الأسرة، وتسبب انقراض الأمة، وإذا عملت فإن نتيجة عملها وكسبها يذهب إلى جيوب أباطرة المال من اليهود في العالم الغربي من حيث تشعر أو لا تشعر، وتذهب في شراء المجلات النسائية، ومجلات الأزياء التي إذا قرأتها من الغلاف إلى الغلاف فلأجل صور النساء فقط، فتتسابق البنات المسلمات إلى شرائها واقتنائها؛ لتتابع هذه التقليعات وهذه الصرعات. ومن هو الخاسر في النهاية؟ إنه هذه المرأة المسكينة التي خسرت دينها، وخسرت استقرارها، والخاسر كذلك هو الزوج والمجتمع، والرابح هم اليهود، وأعداء الله الذين يخططون لإفساد المرأة المسلمة.
  4. تضييع التربية الإسلامية

    الهدف الرابع: أن تضيع التربية الإسلامية الصحيحة، وأن تفتقر الأجيال إلى هذه التربية: إن الله سبحانه وتعالى قد شرع لنا الخير كله، وفيما أنزله لنا الخير والهدى والصلاح في أمور ديننا ودنيانا جميعاً، ولكن هؤلاء يريدون أن تتمرد المرأة المسلمة على ذلك كله، فالله تبارك وتعالى شرع لنا الرضاع -كمثال- وشرع لنا تربية الأبناء على طاعة الله سبحانه وتعالى. وجاء أولئك فقالوا: لا ينبغي للمرأة -إذا أرادت أن تحافظ على رشاقتها- أن ترضع، وروجوا للكثير من الوسائل التي تدر عليهم الأموال الطائلة، وقالوا: ينبغي للمرأة ألا ترضع الطفل، لكي تحافظ على رشاقتها، ولكي تنطلق إلى ميدان العمل فتحل محلها المربية البوذية، والوثنية والنصرانية، أو الجاهلة التي لا تدري شيئاً، ولن تربي الطفل كالأم بأي حال من الأحوال، وهذه المربية تأخذ من مرتب الأم ما تشتري به الحليب لتطعم به الطفل، فيحرم الطفل من حنان الأمومة، ويحرم من الغذاء الطبيعي، وأعظم من ذلك يحرم من الحياة الطبيعية.. من بسمة الأم.. من حنان الأم.. من عطف الأم.. فكيف سينشأ ذلك الطفل؟ سينشأ مجرماً، وينشأ حاقداً -إلا من رحم الله- وينشأ ولديه حب الانتقام والغضب من هذا المجتمع ومن هذه الحياة التي عاشها؛ لأنه فقد الحنان وفقد العطف وفقد الرقة التي يفتقر إليها الطفل في مثل هذه السن، وربته تلك المربية على ما ربته عليه من أخلاق دخيلة، وعقائد مشبوهة.