موضوع المرأة -وبالذات إذا أردنا أن نستعرضه من الناحية الواقعية موضوع طويل ومتشعب، وأحب أن أشير إلى مسألة مهمة جداً، وهي: أنه لا يوجد في ديننا ولا في مجتمعنا أيضاً -ولله الحمد- أي مظهر التمييز العنصري بين الرجل والمرأة. أما ما تعمد إليه بعض مؤسسات الصحافة وبعض وسائل الإعلام والمسلسلات الفاسدة التي تصور العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة عداء، وتمييز عنصري بين الرجل وبين المرأة فيجب أن تقف عند حدها، ويجب أن نتنبه لها وأن نكون لها بالمرصاد. فليس في مجتمعنا -فضلاً عن ديننا والحمد لله- رجل عدو للمرأة، ولا امرأة عدوة للرجل، وهذه القضية إنما هي مستوردة من الغرب، فالغرب -كما أشرنا- هو الذي يعيش في هذا التمييز الشنيع بين الطبقة الأرستقراطية الغنية وبين الكادحين العمال، ويعيش في التناقض الشديد بين المرأة كجنس مستضعف وبين الرجل كجنس مسيطر، وبين شعوب تريد أن تسيطر على الشعوب الأخرى... بين أصحاب مهن يتصارعون من أجل الحصول على ما يريدون. المجتمعات الغربية هي التي تتفكك إلى تجمعات... للطلاب ضد المدرسين وضد إدارة الجامعة، وتجمعات للمدرسين ضد الطلاب وأحياناً ضد إدارة الجامعة.. تجمعات للشعب ضد الحكومة، وأحزاب حكومية ضد الشعب.. تجمعات نسائية ضد الرجل، وتجمعات رجالية ضد المرأة..! وهذا لا وجود له في ديننا، ولا يجوز أن يوجد في مجتمعنا، وهي في الأعم الأغلب لا وجود لها ولله الحمد.. في واقعنا في هذا البلد بالذات. ولو فقهنا واقعنا لعرفنا ماذا يراد من إثارة مثل هذه القضية، فعندما يقوم رجل ويطالب بحق المرأة زاعماً أن الرجل يظلمها، نقول له: قف يا أخي! قف إن كنت مؤمناً بالله واليوم الآخر! ماذا تقصد بالرجل الذي ظلم المرأة؟ أهو أبوها، أم أخوها، أم زوجها؟ من؟.. المرأة لا تتعامل في مجتمعنا إلا مع هؤلاء.. فإن كان أحد هؤلاء هو المقصود فليكن في علم كل من يدعو إلى هذه الدعوة أنه لن يكون أحرص على المرأة من أبيها أو أخيها.. لا نقول: إن الأب لا يخطئ على ابنته؛ لأن هذا قد يقع، ولا نقول: إن الأخ لا يظلم أخته؛ لأن هذا قد يقع، ولا نقول: إن الزوج لا يظلم زوجته؛ لأن هذا قد يقع، لكن من المحال أن يكون ذاك الكاتب البعيد -الذي ربما لم يعرف الزواج أصلاً- أشفق وأرأف بالبنت من أبيها. ثم إن كان هناك شيء من هذه المظالم، فإن للظلم في ديننا ما يرفعه وجوباً، فالقاضي في شريعتنا يتولى أمر الفتاة إذا ظلمها أبوها، أو إذا لم يكن هناك من له عليها ولاية شرعية غيره، فلا حاجة إلى تكتلات، ولا تجمعات، ولا مطالبات صحفية، فالمرأة بنفسها تتقدم إلى القاضي، فيقوم بنزع الولاية عن أبيها يعطيها لأقرب ولي لها، وإن لم يكن فللقاضي أن يزوجها، ولا يرضى أن يقع الظلم عليها. ولا يمكن في المجتمع المسلم أن تخرج المرأة لتتكفف الناس وتسألهم من الحاجة، ولو أدى الأمر إلى أن يؤخذ نصيب من أموال الأغنياء لتعطى في حالات الضرورة، وعلى ما في مجتمعنا من أخطاء ومعاصٍ نحن نعيشها -نسأل الله أن يغفرها لنا- إلا أنه لا يقبل أن تهان المرأة، فلا يوجد تكريم للمرأة كما في هذا المجتمع، فالرجل البدوي جافي الطبع يحسن إلى زوجته ويكرمها ويصونها، وينزلها في مكان محترم يراه، وإذا ما عرضت حاجة لرجل وكان معه نساؤه فإنه يقدم على من سواه في قضاء حاجته، ورجل المرور إذا رأى صاحب العائلة يفسح له المجال ويراعيه، وهذه أمور لسنا مأمورين بها من جهة نظام أو قانون كما في الغرب، بل إنه -والحمد لله- تنبع منا عادات طيبة أصلها الدين، فالمرأة عندنا عرض محترم وغالٍ جداً. فنحن ننزل المرأة هذه المنزلة بأمر من شرعنا الحنيف، ومع ذلك يأتي هؤلاء ويزعمون أنهم بهذه المطالبات يريدون أن تكون المرأة المسلمة حرة كالمرأة الغربية.