المادة    
  1. السبب في اختلاف الحملة الصليبية الحالية عما سبقها

     المرفق    
    السؤال: نشهد في العصر الحاضر هجمة صليبية علينا ولكنها مختلفة جداً عن الحملات الأولى، فما السبب في ذلك؟
    الجواب: في الحقيقة نستطيع أن نقول: إنها ثلاث حملات للصليبيين على بلادنا، بل إن أطول معركة في تاريخ الإنسانية هي معركة المسلمين مع النصارى؛ لأنها تمتد منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وجهاده للروم هو وقواده من الصحابة إلى قيام الساعة.
    الحملة الأولى التي كانت كما ذكرنا، فصدها نور الدين وصلاح الدين، الحملة الثانية التي يسمونها الاستعمار، وقد أعادت ذكريات الحملة الأولى، فقد دخل قائد الجيش الفرنسي الجنرال غورو إلى دمشق، فقال: دلوني على قبر صلاح الدين، فلما ذهب إلى قبر صلاح الدين أخذ يركله بقدمه، ويقول: ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين ! فهؤلاء بعد حوالي ألف سنة يجددون ذكرى الحروب الصليبية.
    الجنرال اللنبي قائد الجيش الإنجليزي الذي دخل القدس ومعه العرب الذين ألبهم، والذين كانوا من أتباع العميل لورانس وأصحابه، دخلوا مع اللنبي القدس واحتلها، ووقف على جبل الزيتون، وقال: الآن انتهت الحروب الصليبية، فهو قد أعاد ما كان قبل ألف سنة أيضاً؛ فكانت هذه النزعة موجودة لديهم بوضوح.
    أما الحملة الصليبية الثالثة وهي أخطر الحملات، فهي التي سيشهدها العالم الإسلامي عما قريب؛ لأن النوع فيها مختلف تماماً، وهي تأخذ العبرة من الحملتين.
    أما من الحملة الأولى؛ فلأن لويس التاسع الذي أسر في المنصورة في مصر بعد أيام صلاح الدين رحمه الله كتب وصية للأوروبيين الصليبيين النصارى، وقال: إننا لن ننتصر على المسلمين ما داموا متمسكين بدينهم، وإن أقوى عامل في نصرهم هو دينهم.
    وقال: يجب علينا أن نبعدهم عن دينهم، وأن نستعين بالفرق المنشقة، وبنصارى الشرق.
    فركز على وصية مهمة وهي: إبعاد المسلمين عن دينهم، ومضى على هذه الوصية ثمانمائة سنة تقريباً، وإذا بالمستعمرين -كما يسمون- يعيدونها.
    الحرب الصليبية الثالثة القادمة سوف تكون أعتى، وسوف تكون غزواً فكرياً؛ لأنها عن طريق التسلط الثقافي والفكري تريد أن تمسخ هذه الأمة، والحقيقة أن الحرب الصليبية القادمة لن تكون معركة غالب ومغلوب كما كانت الحروب القديمة، وإنما هي معركة وجود أو عدم؛ لأنها ستكون مسخاً كلياً للأمة، بالشهوات والإباحية، وتفتيت العقيدة بالمذاهب، والبلبلة بالإلحاد والفساد، وعن طريق والتسلط الاقتصادي والفكري، وعن طريق البث المباشر والأقمار الصناعية، والتلفزة والتقنية الحديثة، وغسيل المخ الذي سوف يمارس بشكل كبير على الأمة، وليس على أفراد منها.
  2. حرب صليبية قادمة

     المرفق    
    السؤال: نرى -أثابكم الله- أن العالم الإسلامي كان في حالة من النوم والغفلة؛ حتى قامت الحروب الصليبية في القرن السادس الهجري، وبعد هذه الحرب نهض المسلمون واهتموا بالعلم والجهاد فنصرهم الله، فهل ترى أن العالم الإسلامي الآن في انتظار حرب عالمية صليبية تعيد إليه عقله؟
    الجواب: نعم. الحرب قادمة ولاشك فيها، بعدما يقارب عشرين شهراً فقط أو قريباً من ذلك، تكون أوروبا دولة واحدة، وتبدأ الحملة التي لم يسبق لها مثيل، وإن كانت في أساليب وأشكال مختلفة، وستعيد للمسلمين رشدهم وصوابهم بإذن الله، وما علينا إلا أن نكون من السباقين إلى هذا الجهاد الكبير الذي سوف ينصر الله تعالى فيه دينه، ولا ريب في ذلك، لكن المعركة قد تطول، وقد يلاقي المسلمون من واقعهم السيئ المرير أضعاف ما يلاقونه من الأعداء الخارجيين، مثلما لاقى وعانى مودود الذي قتل وهو صائم في رمضان؛ لأنه جاء يجاهد الصليبيين؛ حتى عرضوا عليه أن يفطر، فقال: والله لا أفطر حتى مات وهو صائم.
    فعانى وعانى من بعده عماد الدين والد نور الدين، ولم يقتله الصليبيون، ولكن أوغروا عليه بعض حرسه فقتلوه، وهكذا نور الدين قيل: إنه قد سم، فالمعاناة من واقع الأمة المرير ستكون أشد، لكن إذا استقام هذا الواقع على عقيدة مستقيمة، ودعوة قويمة، واجتماع كلمة المسلمين عليها؛ فإن النصر حق ولابد، بإذن الله تعالى.
    والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.
  3. معنى المكوس

     المرفق    
    السؤال: ما معنى كلمة المكوس التي ذكرتها في المحاضرة؟
    الجواب: المكوس: هي الضرائب، وهي أشبه ما تكون بالجمارك، وكما ورد في الحديث: {إنما العشور على اليهود والنصارى} وإن كان في سنده مقال، لكن تطبيق الصحابة رضي الله عنهم والخلفاء الراشدين لذلك حق ثابت.
    كان عمر رضي الله عنه يسمح ويأذن لأهل الذمة أن يأتوا إلى بلاد المسلمين، ويأخذ منهم العشور حتى يبيعوا ما عندهم من بضائع، فيستفيد المسلمون منهم بيع البضائع، ويأخذون منهم العشور مقابل ما يأخذون هم أيضاً من تجار المسلمين.
    أما المسلم فلا يحل أن يُؤخذ منه عشرٌ ولا مكس ولا ضريبة، وإنما جعل الله تبارك وتعالى في ماله الزكاة، وفيها الكفاية، وجعل الغنائم والفيء ومصادر لبيت المال، وفيها الكفاية لإصلاح حال المسلمين بإذن الله، ولهذا أبطلها نور الدين رحمه الله.
  4. الطريقة المثلى لعرض سير القادة والمجاهدين

     المرفق    
    السؤال: أنتم -كما أعرف- أحد المسئولين عن تطوير مناهج التعليم في المرحلة الثانوية والمتوسطة، لماذا لا تُضمن هذه السير الصحيحة والدروس المستفادة من الحروب الصليبية وغيرها وتدرَّس للطلاب؟
    الجواب: أنا لست من المسئولين عن التطوير، أنا كنت عضواً في لجنة التأليف، وشاركنا في بعض المقررات، ولا يخفى عليكم أن مادة الفِرق نشرت وقررت ودرست، وبعد أن اكتمل الكتاب ألغي المقرر، وبقي مقرر التوحيد الآخر هذا في الثانوية، أما المتوسطة فليس لنا فيها دخل، وهذه المناهج مناهج تاريخ أكثر من كونها مناهج عقيدة، وهذا لا يمنع.
    ويجب علينا وعليكم أن نكتب إلى لجنة التطوير التربوي بوزارة المعارف بإدارة التطوير التربوي، ونحثها على أن يكون التاريخ كذلك، والحقيقة -والحق يقال- أن المنهج الموجود الآن أفضل بكثير جداً مما كان في الثانويات أيامنا، وأيام الذين كانوا قريباً من دفعاتنا، فنحن كنا نقرأ تاريخ أوروبا، حيث كان المقرر تاريخ أوروبا حتى في المعاهد العلمية، فكان التاريخ موجزاً سهلاً في صف أول ثانوي وبعد ذلك تاريخ أوروبا وبسمارك وحرب السبعين والإنجليز، وسيطرة شركة الهند الشرقية.. كلام لا داعي له وليس وراءه أي فائدة، فالحال اليوم أفضل، ونسأل الله أن يتحسن.

  5. حكم محبة وتقليد النصارى

     المرفق    
    السؤال: قلت: إن أسرة صلاح الدين كانت تكره النصارى كما قال ابن تيمية رحمه الله، وفي زماننا هناك من يحب النصارى ويقلدهم في كل شيء، ويعجب بهم أشد الإعجاب، فهل حبهم وولاؤهم من نواقض الإيمان؟
    الجواب: لا يجتمع في قلب مسلمٍ محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم مع محبة أعداء الله النصارى، الذين يسبون الله تبارك وتعالى كل حين بما لم يسبه به أحدٌ من العالمين، وذلك بقولهم: إن لله ولداً {يسبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك} كما في الحديث، فهم يسبون الله كل حين حيث يقولون: إن لله ولداً، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً؛ فمن يحب هؤلاء؟!
    الذين يقولون: إن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بنبي، إنما هو عبقري ومصلح سياسي، وداعية من دعاة القومية العربية ... إلخ، هؤلاء لا يواليهم مسلم، ولا يحبهم مؤمن، ولا يقلدهم من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: {من تشبه بقومٍ فهو منهم} فهذا الحديث له مدلولان لنا وعلينا، فالأول: إن تتشبهوا بالصحابة والصالحين والمتقين المجاهدين تكونوا منهم وعلى طريقتهم إن شاء الله، والثاني: إن تتشبهوا بـاليهود والنصارى وأعداء الله المجرمين تكونوا منهم عياذاً بالله.
  6. اضطهاد روسيا للدول الإسلامية

     المرفق    
    السؤال: دولة روسيا في هذه الأيام تشهد تفككاً في بعض دويلاتها، هل هذا الأمر إشارة إلى نصر الله، أم أن هذا الأمر مدروس ومدبر له؟
    الجواب: هذا الأمر له أسباب بلا شك، ولا نريد أن نطيل فيه؛ لأن الوقت ليس مناسباً، لكن يهمنا أن نقول: انظروا لتعرفوا خطر الحملة الصليبية القادمة، تأملوا كيف يتعامل الكرملن وغورباتشوف مع لتوانيا وكيف يتعامل مع الجمهوريات الإسلامية!
    فهناك يتعامل بالديمقراطية والانفتاح عن طريق البرلمان والحل السلمي، وأما في المناطق الإسلامية فالدبابات تدك المدن دكاً؛ لأنها حاولت أو أرادت أن تطالب بشيءٍ من الاستقلال، ومعنى ذلك أن الحرب الصليبية لن ترحم المسلمين، بل لهم حساب آخر ومعيار آخر.
    أما أنه تقويض لهذه الإمبراطورية العاتية فنعم، ونرجو أن يكون هذا بداية سقوطها إن شاء الله، لكن الصليبيين -على أية حال- مهما اختلفوا فهم متعاونون علينا، متفقون على حربنا، لا شك في ذلك.
  7. نماذج من اللعب السياسية والانتهازية الإعلامية

     المرفق    
    السؤال: ما يدور الآن عبر وسائل الإعلام من تصريحات وردود بين دولة العراق وإسرائيل وأوروبا هل هو إشارة إلى بدء رفع راية الحروب الصليبية؟
    الجواب: قد تكون تمثيليات مثل تمثيليات العبور، ولا نعني بالتمثيليات أن الجند يقومون بهذه التمثيليات، فالجنود أكثرهم لا يدرون، لكن ما يدور وراء الكواليس لا يُكشف إلا فيما بعد، فعلى كل حال هذه الحرب الإعلامية تستفيد منها الأطراف التي تديرها جميعاً، والفائدة منها حاصلة وواقعة، لكن هل سيترتب عليها عمل؟ الله أعلم.

  8. حكم القتال تحت راية عمية

     المرفق    
    السؤال: هل تتوقع مواجهةً بين دعاة القومية العربية والصهيونية العالمية؟ وما هو دور الشباب المسلم الواعي في مثل هذه الحروب؟ وما هو دورهم في المواجهة التي سوف يتأثر بها كل فرد سواءً كان مسلماً أو غير مسلم؟ وإلى أي جنب ينحاز هؤلاء الشباب المسلمون؟ وما هو صنيعهم؟
    الجواب: لا يجوز أن نقاتل إلا تحت رايةٍ إسلامية {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، ومن قاتل تحت رايةٍ عَمية فمات فميتته ميتة جاهلية} أي راية عمية لا يجوز القتال تحتها، راية القومية، راية تحرير الأرض، راية الوطنية، راية الدولة العلمانية؛ فإن العلمانية كفر، والقتال تحت راية الدولة العلمانية معناه أن الإنسان يقاتل تحت راية الكفر وينصر الكفر والعياذ بالله، وهذا لا يجوز أبداً.
    وأنا لا أتوقع على المدى القريب أن يشتبك اليهود وهؤلاء القوميون في معارك، بل الحاصل الآن هو أنه قد تواطأ الشرق والغرب والدول كلها تقريباً على أنه لا حرب ولا عدوان على دولة إسرائيل، وإذا أردتم فخذوا هذا المثال: ذكرنا أن الباطنيين لم يغتالوا زعيماً صليبياً واحداً، وإنما اغتالوا أمراء المسلمين، وأرادوا اغتيال صلاح الدين أكثر من مرة.
    والباطنيون فيما مضى كانوا عصابات في قلاع، لكن الباطنيين اليوم لهم دولة، هذه الدولة مضى عليها سنوات طويلة لم تقتل جندياً إسرائيلياً واحداً، ولكنها قتلت عشرات الألوف من أبناء السنة؛ داخل البلد وخارجه، فهل يجوز القتال تحت هذه الرايات وإن قالوا: نحن نقاتل إسرائيل؟! فالعاقل يفهم ولا تنطلي عليه مثل هذه الأمور.
  9. واجبنا تجاه التبرج والسفور

     المرفق    
    السؤال: نعلم أن ما يشاهد في أسواقنا من سفور وتبرج من الغزو الفكري لهذه الأمة عن طريق نسائها، وقد انحل شبابها، ما هو واجبنا تجاه هذه الظاهرة التي انتشرت وعمت وطمت؟ الجواب: هم في الحقيقة كما ذكر الله تعالى عن الشيطان.. الشيطان يزين ويمني ويعد، ولكنه لا يرغم أحداً أن يخرج من بيته، لا يرغم امرأةً أن تتبرج، ولا شاباً أن يغازل أو يعاكس أبداً، فهم يأتون بالأفلام.. بالمجلات.. بأنواع الفساد، ولكن المصيبة ليست من الغزاة، المصيبة منا نحن، لَمَّا ضعف الإيمان وفقدت التقوى، وقل المحاسب أو المعاتب أو المربي انتشر هذا الفساد، فنحن المسئولون عنه أولاً وآخراً، ولا شك أنه مما يدمر للأمة، وأن علاجه يكون بإحياء الدعوة إلى تقوى الله، وإلى التحذير من المعاصي ومن آثارها على الأمة، ومنها التبرج الذي هو داعي الزنا، وليس بعد الزنا في تحطيم الأمة من شيء.
  10. نصيحة لجنود القوة البحرية

     المرفق    
    السؤال: نحن في مركز من مراكز الدفاع عن الإسلام، وبجوارنا شباب يُؤمل منهم الدفاع عن الإسلام إن شاء الله، وهم ينتمون إلى القوة البحرية، فما نصيحتكم لهؤلاء الشباب تجاه هذا الغزو الصليبي أياً كانت طرقه؟
    الجواب: الحمد لله! هناك في البحرية من أخلص وجاهد لتكون كلمة الله هي العليا، والجهاد في البحر أفضل من الجهاد في البر: {أجر شهيد البحر أجر شهيدين من شهداء البر}، هذا فضل من الله سبحانه وتعالى عليهم، ولذلك يجب علينا أن نعد العدة براً وبحراً وجواً بالإيمان الصادق والإخلاص لله سبحانه وتعالى والبعد عن المعاصي -ولا تؤاخذوني إن كررت البعد عن المعاصي- والاعتصام بالتقوى والصبر والاستعانة بالصلاة، ففي هذه العبارات فقط نحدد كل ما نحتاجه في هذه المعركة وإن طالت، وفي أي معركة وفي أي زمان وفي أي مكان، أما إذا استوينا نحن وهم في المعصية فإن الفضل يكون لهم في القوة، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى.

  11. عقيدة صلاح الدين

     المرفق    
    السؤال: سمعناك قلت في درسك: إن صلاح الدين الأيوبي من الرافضة ؟
    الجواب: أعوذ بالله، بل هو الذي قتل الرافضة وأبادهم، وأرجى عملٍ لـصلاح الدين رحمه الله قضاؤه على الرافضة، هو عندي كذلك؛ بل عند علماء الإسلام الذين كتبوا عنه: أفضل قربةً إلى الله تعالى من قتله للصليبيين قضاؤه على تلك الدولة الرافضية التي كانت تنادي وتقول: (من لعن وسب فله كيل وإردب) يعني: من لعن الصديق والفاروق رضي الله عنهما يأخذ، ومن لم يلعنهما لا يأخذ.
    هذه دولة قضى عليها صلاح الدين؛ أفيكون من الرافضة ؟! حاشاه من ذلك!
    ولكن نقول: هل كان صلاح الدين أشعرياً كما يقال؟
    وأقول: لا نفترض في كل قائد أو مجدد أن يكون كاملاً أو معصوماً، المعصوم من عصمه الله، وهذا خاص بالرسل الكرام، بعض العلماء كـالمقريزي وبعض المؤرخين المتأخرين قالوا: إنه كان أشعرياً، وأظهر العقيدة الأشعرية، وفي الحقيقة لا صحة لهذا الكلام على الإطلاق؛ لأن بعضهم يسمي الأشاعرة أهل السنة، فيقول: أظهر العقيدة الأشعرية، ويقصدون أنه أظهر عقيدة أهل السنة.
    وصلاح الدين رحمه الله ونور الدين منعوا كتب المنطق والفلسفة، وفي أيام دولة صلاح الدين وأبنائه كانت كتب الفلسفة محرمة وممنوعة، وكانت تحرق إن وجدت، ولذلك كان اتجاههم إلى السنة، لكن قد تخفى بعض المسائل حتى على علماء عصرهم، فلا ندعي لهم الكمال والعصمة على أية حال، وهم ما كانوا دعاة إلى البدعة، بل كانوا يحبون السنة وينصرونها؛ وأنا وأنت قد نجتهد في أن ننصر السنة وندعو إليها، ثم نخطئ فنقع في بعض البدع وبعض المعاصي، ولا عصمة لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    والمؤكد والثابت أن صلاح الدين وأخاه العادل وغيرهما من ملوك الأيوبيين كانوا ضد البدع؛ حتى إن الكوثري المعروف بتعصبه الشديد على أهل السنة وميله إلى الأشعرية والماتريدية يسب صلاح الدين وذويه ويذمهم لأنهم -حسب زعمه- كانوا يمكنون للحشوية ولـأهل الحديث ويتركون أهل العقيدة الصحيحة؛ ويعني بهم أهل مذهبه؛ الأشاعرة والماتريدية.

  12. بشائر النصر

     المرفق    
    السؤال: ذكرت أن الحل هو التقوى والصبر؛ وما كان يفعله ذلك القائد الفذ صورةٌ حية، ولكن يختلف الوضع في العالم الإسلامي الآن، فهناك قادةٌ وحكام يحاربون السنة في دولهم، وهم من مصدر قوة، فكيف يكون الجهاد وهم يقومون بقمع كل نهضة، كما هو حاصل الآن؟
    الشيخ: الوضع هو هو، فإن : نور الدين لم يظهر فجأة، نور الدين ظهر بعد أمد، بعد أن ظهر الذين باعوا الأرض، الرافضة العبيديون -كما ذكرنا- وغيرهم، الذين سلموا البلاد والعباد للصليبيين ولغيرهم، لكن عندما قامت الدعوة، وتحركت الأمة وقام العلماء والخطباء والدعاة في المساجد وفي كل مكان، وُجد الجيل التالي الذي كان منه عماد الدين ونور الدين، فإذا قامت الدعوة فلا بد أن تتحمل كل ما ستلقاه، نعم سيوجد من يقاومها، لكن يهيئ الله لها أيضاً من ينصرها، وهو على ذلك قدير، وتبدأ المعركة في أول الأمر صعبة وشاقة، وقد تهزم، ولكن في النهاية سيكون النصر لهذا الجيل بإذن الله الذي يألف التضحية ويألف الجهاد، ويرفع راية السنة وهو واثق بنصر الله سبحانه وتعالى، وستكون العاقبة له، أما الواقع الآن فمثله مثل أي واقع، سيذهب، وكل أعداء الله سيضمحلون، وكل ما كان لله يبقى، ومن كان على تقوى الله فسيبقى، وهذه سنة الله تعالى في جميع الأوقات والعصور.
    في زمن عبد الناصر كنا نقرأ ونسمع كيف كانت أوضاع المسلمين في السجون، وكانت توزع كتيبات كثيرة تتحدث عما يُفعل بالدعاة في مصر، وكنا نقول: متى يأتي اليوم الذي تتخلص فيه الأمة من جمال عبد الناصر؟ ونترقب هلاكه، حتى إنه لما مات أذكر أن بعض الطلاب سجد وظل ساجداً لله شكراً، ولما رفع رأسه كان وجهه كله أحمر، كأنه غير مصدق أن عبد الناصر سيموت، وبعد أن أهلكه الله بفترة، إذا به يذم ويلعن في المنابر التي كان ينفق عليها ويؤسسها.
    أقول: نحن لا ننظر للتاريخ ولا نعتبر، فإن سنتين أو ثلاث أو عشر أو عشرين سنة ليست شيئاً في حساب الدعوات والأمم، بعد عشر سنوات من الآن سيكون كثير من هؤلاء المجرمين قد ذهبوا، وقضى الله تعالى عليهم بأي شكلٍ من الأشكال، كما قضى على أتاتورك وعبد الناصر وتيتو واستالين وهتلر وغيرهم، ولكن دينه سيبقى بإذن الله.

  13. السبيل إلى القيادة والريادة

     المرفق    
    السؤال: كما ترون أن العالم الغربي والشرقي قد اكتشفوا وابتكروا واخترعوا أشياء كثيرة، فكيف يربط المسلم بين كلٍ من تعلم التكنولوجيا الحديثة وتعلم العلم الشرعي وحفظ كتاب الله والدعوة إلى الله، بشرط ألا تؤثر دراسته للتكنولوجيا على استقامته ودينه، حيث إنه لابد أن يحتك بهؤلاء الغربيين والشرقيين غير المسلمين؟
    الجواب: طلبة العلم الشرعي ليس مطلوب منهم أن يذهبوا ليتدربوا على التكنولوجيا، لكن من فرَّغته الأمة لهذه التكنولوجيا يجب عليه أن يتقنها، بشرط أنه -إن ذهب إليهم أو خالطهم- يذهب وهو مؤمن ويرجع وهو مؤمن، ليست المشكلة في نقل التكنولوجيا، القضية قضية إرادة، إذا توجهت إرادتك لأن تحقق أمراً فسوف تحققه، وهذه سنة من سنن الله، وقد تحدثنا عنها، فالإرادة الإنسانية والحافز أو الموجه أو الدافع كل ذلك له أثر في تحقيق أي شيء، كل التجارب النفسية الفردية تثبت ذلك، فكيف بإرادة الأمم؟!
    مثلاً: يذكرون أنه في سباق المرثون -وهو شعيرة جاهلية يونانية- قد يجري اللاعب عشرين ميلاً مثلاً ويسقط، وعندما يفحص الأطباء هذا الذي سقط يجدون أنه كان بإمكانه أن يواصل عشرة أميال أو خمسة، وقد سقط في الميدان وخسر السباق؛ لأنه سقط نفسياً.
    تجارب أخرى: وجدوا أن الإنسان إذا كان ضعيفاً منهكاً مجهداً -تقول له: خذ هذه الحبة ابلعها، يقول: لا أستطيع أن أمد يدي حتى آخذها- وسلطت عليه وحشاً أو ثعباناً في الغرفة، فستجده يقفز عشرة أمتار، وقد ذكروا أن رجلاً قفز عشرة أمتار، وقد كان مقعداً، سبب قوة الحافز.
    إمبراطور اليابان أرسل أول دفعة إلى أوروبا، فرجعوا بالبنطلونات وبالسجائر، ويتكلمون بالإنجليزي والألماني، فقيل: إنه جمعهم في ميدان وحكم عليهم بالإعدام، وأرسل دفعة ثانية، وقال: اذهبوا فذهبوا باللباس الياباني، ويطبخون على الطريقة اليابانية، ويأكلون بالطريقة اليابانية، ويتكلمون باليابانية، فرجعوا بالتكنولوجيا الأوروبية، والآن اليابان تنافس أوروبا؛ حتى إنها اقتحمت أوروبا الشرقية قبل أن تخطط ألمانيا الغربية وغيرها من الدول لاقتحامها، والسبب أنهم أوجدوا عند الناس الإرادة.
    فيتنام استطاعت أن تهزم أمريكا؟! بقوة الإرادة -رغم فارق القوة المادية- مع أن الجميع كفار، ولا يوجد حافز ولا إرادة أقوى من الإيمان بالله، ولا أقوى من جهاد أعداء الله، ولا أقوى من طلب الجنة: [لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها].
    هذه الجنة أقوى حافز، فالهارب يضاعف الهرب إذا علم أنه يهرب من النار، والطالب يضاعف الطلب إذا علم أنه يطلب الجنة؛ سلعة الله الغالية، التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها، إذا كنا نريدها فعلينا أن نشحذ الإرادة وننتصر، وإن كنا نريد أن تكتب الصحافة الغربية عنا أننا تطورنا وأن عندنا شوارع نظيفة... إلخ، وتأتي بصور لبعض المناطق، فسنظل على هذا الوضع قروناً، ولن نصل إلى شيء، فالمرء حيث يضع نفسه، والأمة حيث تضع نفسها، ضع نفسك في القيادة تجد أنك قائد.
    مثلاً: -شيء واقعي جداً نذكره من واقع الحياة- لو اجتمع عشرون لاعباً وذهبوا يلعبون كرة، فقام أحدهم وأمسك الكرة، وقال: أنا الكابتن، وصرخ عليهم: اسكتوا، جعلوه الكابتن فعلاً؛ لأنه أثبت نفسه، لكن لو جعل نفسه لاعباً كأي لاعب وضعوه حارساً أو وضعوه حكماً؛ فأنت حيث تضع نفسك، لهذا يقول الله تعالى: ((وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))[آل عمران:139] وما دمنا لم نقل: نحن قادة العالم، إنما نقول: نريد أن نلتحق بركب الحضارة، فسنظل في الذيل؛ لأننا ما فكرنا إلا بالالتحاق، ولم نفكر في السبق والقيادة.
  14. مراجع سيرة نور الدين

     المرفق    
    السؤال: اذكر لنا المراجع لهذه المحاضرة.
    الجواب: المراجع لهذه المحاضرة: كتاب سير أعلام النبلاء، وفيه سيرة نور الدين محمود للذهبي رحمه الله، كذلك كتاب نور الدين محمود للدكتور/ عماد الدين خليل، وكذلك كتاب نور الدين محمود للدكتور/ حسين مؤنس، كذلك كتاب البرق الشامي،وكتاب الروضتين في أخبار الدولتين، الكامل لـابن الأثير وغيرها.

  15. مواقف الشيعة في الحروب الصليبية

     المرفق    
    السؤال: هل للشيعة دور مشرف في الحروب الصليبية؟
    الجواب: لا. ليس للشيعة دور مشرف في الحروب الصليبية، ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: لم يُعرف عنهم أنهم جاهدوا أو قاتلوا الصليبيين، بل هناك وقائع كثيرة جداً تثبت أنهم عندما يأتي الصليبيون إلى بعض الإمارات التي كانت بشمال لبنان وفي شمال بلاد الشام من الدويلات الشيعية، يسلِّمون لهم هذه البلاد، مقابل أن يتحالفوا معهم على أهل السنة، فلم يوجد لهم أي دور، وإنما حدثت بعض المناوشات والخلافات بين العبيديين والصليبيين عندما اختلفوا كما يختلف الناس عادةً اختلافاً سياسياً، لم يكن العبيديون يحاربونهم من منطلق أنهم كفار أو صليبيون، والأساس في العلاقة بين العبيديين الذين يدَّعون أنهم فاطميون وبين الصليبيين هي علاقة المسالمة والسفارات المتبادلة والهدايا والصلح الدائم، وطوال الحروب الصليبية التي امتدت قروناً كان هذا هو السائد الغالب.
    أما غلاة الشيعة الذين منهم الحشاشون، فهؤلاء ذكرنا لكم أفعالهم وفتكهم بالمسلمين، ولم يتعرضوا بأي أذىً للصليبيين إلا أحياناً، إذا حاول الصليبيون أن يستولوا على قلاعهم ليأخذوا منها ما فيها من خيرات وما فيها من كنوز، فهي عبارة عن معارك لصوص مع لصوص، وليست مسائل عقدية.

  16. آثار الحرب العالمية الأولى على العالم الإسلامي

     المرفق    
    السؤال: ذكرت لنا الحروب الصليبية، فنود منك ذكر الحروب العالمية، وأسباب هزيمة المسلمين إلى يومنا هذا، لتكون صورة حية؟
    الجواب: الحرب العالمية الثانية ليس لنا فيها دور إلا أنهم دكوا بلادنا، فالذين دخلوها وحاربوا فيها حاربوا في أرضنا، وليس لنا دور فيها.
    الحرب العالمية الأولى التي تستحق أن تذكر؛ لأنه بناءً عليها مزقت دولة الخلافة العثمانية، ووضعت البلاد الإسلامية تحت الانتداب بناءً على نقاط الرئيس ويلسون الأربع عشر، وهذه فعلاً تستحق -إذا قدّر الله لي أو للإخوة الذين هم أقدر مني ومتخصصون في التاريخ- أن نتحدث عنها، فهذا شيء طيب.

  17. سبب هجرة اليهود إلى فلسطين

     المرفق    
    السؤال: سمعنا بهجرة اليهود إلى فلسطين، فلماذا يهاجرون إلى هناك؟ وهل هجرتهم -كما سمعنا- إعداد للحرب التي ستكون بين المسلمين واليهود؟
    الجواب: نحن دائماً نتفاءل، ونحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يحب الفأل ويكره الطيرة} لكن النبي صلى الله عليه وسلم هديه غير ما نظن، فنحن لا نتفاءل عن حقٍ وحقيقة، أنا أسميه تخديراً، ونحن نتخدر بسرعة؛ مثلاً: هناك أناس يشربون القهوة، هذا لو يعطى أقوى إبرة لا يتخدر كما يقول الأطباء، لكن هناك ناس أول ما توضع فيه الإبرة يغمى عليه، نحن من النوع الذي يتخدر بأدنى مخدر، فلما جاءت الأحداث في أوروبا الشرقية خدرونا قالوا: هذه سقطت؛ لأنها قائمة على الظلم وعلى الفساد والاشتراكية والشيوعية، وهي مخالفة للإسلام، أما نحن فالحمد لله مسلمون، انتهت الشيوعية وارتحنا، وهذا خلاف الواقع تماماً.
    ولما جاءت الهجرة ظهرت أيضاً بعض الأصوات المخدرة، تقول: دعوهم يتجمعون، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أننا سوف نقاتلهم في آخر الزمان، فكيف سنقاتلهم إلا إذا تجمعوا؟!
    من قال لكم: إننا سنقاتلهم الآن؟! علينا أن نأخذ بالأسباب كما شرع الله، فإذا قدر الله شيئاً، فقدر الله واقع، وخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق وحق، لكن لا يعني ذلك أن نترك اليهود يفعلون ما يشاءون ويتجمعون.
    فنحن نقول: سبب هذه الهجرة أن اليهود يريدون تقوية دولتهم بالعنصر البشري، وهو أهم عنصر في الحياة، اليهود والروافض وغيرهم أهم شيء عندهم هو العنصر البشري، والأقباط في مصر وغيرهم الزيادة السكانية مهمة جداً، أما تحديد النسل فهو خاص بـالسنة، والدعايات خاصة بـأهل السنة، والكلام عن العدد وأن الثلاثة كفاية والخمسة مشكلة، وأن الزوجتين حرام أو ممنوع، هذا خاص بـأهل السنة، العنصر البشري أهم عنصر في أي دولة في العالم، في أي وجود عالمي بسبب هذه الحرب المستعرة والصراع بين الأمم، فاليهود يريدون تقوية دولتهم بهذه الهجرة، ولا غرابة في ذلك، أما نحن فماذا عملنا؟! نحن عندنا هجرة الخدَّامات إلى أرض المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
  18. لا فائدة من الحوار مع الروافض

     المرفق    
    السؤال: لماذا لا تكون هناك مؤتمرات بين علماء المسلمين من أهل السنة وعلماء الشيعة لتصحيح مفاهيمهم في العقيدة؟
    الجواب: هذا الأمر واضح لا يحتاج إلى مؤتمرات، أنا أذكر لكم مثالاً واقعياً: لما ثارت فتنة بعض المبتدعة من سنوات، وجاءني أحد طلاب صاحبهم وقال: لماذا؟ الجدل هذا والخلاف وارد؟ قلت: ماذا تريد؟ قال: لماذا لا يكون هناك مقابلة في التلفزيون أو في الجامعة، أو في أي مكان، تجتمعون فيها ويكون بينكم حوار؟ قلت: هذا غير معقول، قال: لماذا؟ قلت: ما هي النقاط التي تتوقع أن نتناقش فيها؟ قال: واضحة، قلت: نأخذ النقاط واحدةً واحدةً.
    أولاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، هل هذه نقطة؟ قال: نعم.
    ثانياً: أن الأولياء يتصرفون وأن الأموات المقبورين يؤثرون ولهم من التأثيرات كذا وكذا، قال: نعم، وذكرت له بعض العبارات الموجودة في كتبهم، مثل: وانتشلني من أوحال التوحيد إلى الوحدة وغيرها، وقلت له: هذه وهذه تريدها أن تكون موضوع نقاش؟ قال: نعم. قلت: هل تتوقع أن أحداً من أهل السنة ينزل إلى مستوى أنه يناظر على هذه المسائل؟! هل نأتي لك بأصغر طالب من أهل السنة يحفظ القرآن ويقرأ عليك الآيات التي تكذب ما تعتقده من الخرافات: ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ))[الأنعام:59].. إلخ، ((وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ))[الأنعام:50] فهذه الآيات يقرؤها عليك أي واحد من أهل السنة وكل ما تقولونه يرد عليه أصغر مسلم يحفظ آيات من كتاب الله، أو أي عجوز تعرف شيئاً من كتاب الله.
    وهذه سنة قديمة؛ قال أحد أهل البدع لـأيوب رحمه الله قال: اجلس نتناظر، قال: [أما أنا فعلى ثقةٍ من ديني، وأما أنت فابحث عن شاكٍ مثلك].
    إذا كان المقصود أن نتناظر لنعرف من هو على الحق فهذا أمر محمود، أما إذا كان المقصود أن نتناظر مع بعض أهل البدع في أمور واضحة لا يجهلها أحد، فهذا أمر مذموم، ولولا علمنا جزماً ويقيناً أنهم يعلمون هذا الحق لتحرجنا وأثمنا أمام الله أننا ما بيناه لهم، ولكن الحق كالشمس في رابعة النهار!
    بالله عليكم! أي عاقل يقرأ تاريخ الإسلام ولو كان يهودياً أو نصرانياً هل يصدق أن عمر بن الخطاب وأبا بكر الصديق أكبر منافقين في الدنيا؟! سبحان الله! من يصدق هذا الكلام؟! إن أعداء الدين وأعداء القرآن لا يصدقون مثل هذا الهراء، إن حقائق التاريخ كلها واضحة، وعندما نناقش أحداً منهم ونقول له: تعال نبين لك أن هؤلاء الصحابة لهم حرمتهم ولهم قدرهم، تجد أنه لا يسلم للحق أبداً.
    فلعلمنا بأن المسألة تعصب ومكابرة وعناد وتضليل من الزعماء الذين يستخفون الرعاع، نقول: لا يحتاج الأمر إلى مؤتمرات، وما يسمى بالتقريب بين السنة والشيعة إنما هو عادةً من مصلحة أهل البدع، أو بمواطأة معهم.

  19. أسباب اجتماع المسلمين في عهد عماد الدين زنكي

     المرفق    
    السؤال: هل لنا أن نعرف كيف تم لـعماد الدين زنكي توحيد صفوف المسلمين بعد أن كانوا مفككين؟
    الجواب: لقد تعب عماد الدين والد نور الدين رحمه الله تعباً شديداً لكي يجمع أنصاره، لكن كان اجتماع المسلمين أسهل من واقعنا، والسبب أن القلوب كان فيها خير أكثر، ولم يكن عند المسلمين إبان الحروب الصليبية الأولى شيء من الولاء للنصارى، ونقصد بالمسلمين أهل السنة، الذين ليس عندهم ولاء لليهود ولا للنصارى، ويعلمون أنهم كفار، ويعلمون أن قتالهم جهاد؛ من قتل من المسلمين فيه فهو شهيد، فالحقائق التي ذكرناها وعقيدة الولاء والبراء كانت معلومةً ظاهرةً جلية، أما الآن فأكثر المسلمين -مع الأسف- مبهور بما عند الكفار ويائس من النصر، ولا يتصور المسألة حلقة من حلقات صراع طويل، وإنما يتخيل أن الغرب حاكم ومسيطرٌ إلى الأبد، فلا أمل عنده ولا حتى مجرد تفكير بأن نقاومه أو نحاربه، أما الأمة التي عندها استعداد وأمل في النصر ولو ضعيفاً وتنظر إلى عدوها نظرة معقولة يمكن أن تنتصر.
    وقد لقي عماد الدين رحمه الله العنت، حتى دبر بعض أعدائه من المسلمين في الإمارات الإسلامية وبعض قواده مؤامرةً لقتله، فاغتاله غلمانه وحرسه.
    ونقول: إن جمع شمل الأمة رغم صعوبته هو بالإمكان الآن وفي كل زمان ومكان.

  20. كيفية التعامل مع أهل الكتاب الذين هم في ديار الإسلام

     المرفق    
    السؤال: إن من أسباب النصر على الكفار عدم موالاة النصارى وغيرهم من الكفار، فكيف نتعامل مع النصارى الموجودين في بلاد الإسلام؟
    الجواب: النصارى في بلاد الإسلام نوعان: النوع الأول: البلاد التي يحرم عليهم أن يدخلوها، وهذا النوع ليس هناك داعٍ أن نتحدث عن تفاصيل الأحكام فيه وهي: جزيرة العرب، واقرءوا فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله في كتابه فتاوى ومقالات متنوعة والفتوى طويلة والأدلة واضحة، أن جزيرة العرب جميعاً لا يجوز لليهود والنصارى أن يبقوا فيها، وجزيرة العرب من البصرة -كما يقول بعض العلماء- إلى أطراف الشام إلى الأردن إلى عدن، كل الجزيرة المعروفة لا يجوز للنصارى أن يدخلوها أصلاً، وإن اضطر المسلمون إلى إدخال أحدٍ منهم لضرورة فكما كان يفعل عمر رضي الله عنه يعطيهم ثلاثة أيام فقط للبيع والشراء، فهذه تكون ضرورة مقيدة ومقدرة بقدر.
    وأما خارج جزيرة العرب فهم أنواع: منهم الحربي، ومنهم المستأمن، ومنهم الذمي -لا نريد أن نطيل في أحكام فقهية، فالحربي: هو الذي نحن وإياه في قتال، كما كان الحال بين المسلمين وبين الصليبيين، فالصليبيون كانوا حربيين، وأما المستأمن: فهو الذي يقدم من الروم البيزنطيين الذين هم في حالة سلم وصلح، فمن يقدم منهم إلى بلاد المسلمين يعطى أماناً بأن يقيم في بلاد الإسلام زمناً محدداً ليبيع أو يشتري.
    والذمي: وهو الذي أصلاً مسكنه الشام أو مصر ورضي أن يدخل في عقد الإسلام، ويخضع لأحكامه مع بقائه على دينه، وأعطاه المسلمون العهد بذلك، ويدفع الجزية عن يدٍ وهو صاغر، وفي بلاد الإسلام التي يجوز لهم أن يدخلوها لهم معاملة خاصة منها: ألا يتسموا بأسماء المسلمين، ولا يتكنوا بكناهم، وألا يرفعوا بناءهم فوق بيوت المسلمين؛ بمعنى: لو كان هناك مسلم بيته دور واحد وجاره نصراني يستطيع أن يبني دورين فلا يجوز له أن يبني مسكنه دورين إلا إذا بنى المسلم في بيته دوراً آخر، وفي الطريق لا يبدءون بالسلام، وإذا لقيتموهم فاضطروهم إلى أضيقه، لأن الأفضلية في المرور للمسلم، ويجب عليهم أن يلبسوا ما يدل على أنهم من أهل الذمة ليلزموا بالصغار، حتى إن الطفل المسلم يُلزمهم الصغار والذلة، ويعرف أنهم من أهل الذمة بشكل يميزهم، ولهذا وضعت الزنانير، والطيالس الخاصة بهم ليُعرفوا فلا يكرمون كما يكرم المسلم أو يبدءون بالسلام.
    هذه الأحكام مقررة في شريعتنا، أما الواقع فغير ذلك.
  21. نصيحة لمن ابتلي بالسحر

     المرفق    
    السؤال: هذا سؤال خارج عن الموضوع، لكن أرجو أن تجيبني، أنا شخص مصاب بمرض السحر -عافاني الله وإياكم والمسلمين أجمعين- وقد ذهبت لعدة مشايخ ولكنها -أي الجنية- رفضت الخروج مني، حيث أنها تتكلم عندما يقرأ عليها قارئ القرآن وتقول: إنها يهودية! ولا يمكن أن تخرج مني حتى يلقى القبض على من أتى بها، وهو معروف، وقد اشتكيت ولكن لم أجد تجاوباً، وقد ذكر لي بعض الناس أن هناك مشعوذين يستطيعون أن يخرجوها، ولكني أتردد من هذا خوفاً من الله، دلوني جزاكم الله خيراً؛ حيث إني معذب، وقد كرهت بيتي وأهلي وأنا في شقاءٍ شديد؟
    الجواب: {ما أنزل الله تعالى من داءٍ إلا وأنزل له دواء؛ علمه من علمه وجهله من جهله}، هذا شيء، والشيء الآخر أن من الأدواء ما جعلها الله تبارك وتعالى مستديمة، فربما قتلت صاحبها أو مات، فما على المسلم إلا الصبر، وأقول لهذا الأخ ولكم جميعاً: وطنوا أنفسكم دائماً على أسوأ الأمرين، حتى إذا كان الأخف فرحتم!
    هناك أناس مصابون بمرض السرطان والأطباء يقولون: حالتهم ميئوس منها، وأنت أفضل حالاً منهم، أنت -إن شاء الله- حالة غير ميئوس منها؛ فانظر إلى من هو فوقك إذا تعلق الأمر بعبادتك وبمعاملتك مع ربك لتجتهد فيها، أما في أمور الصحة والدنيا فانظر إلى من هو دونك لئلا تزدري نعمة الله تعالى.. انظر إلى من جُن وفقد عقله بالكلية، وأنت في نعمة، وعندك أمل في العافية.
    وعليك بالأدوية الشرعية، ولا تتجاوز القراءة المشروعة، والله تعالى يشفيك وندعو لك جميعاً بالشفاء، وإياك والمشعوذين! إياك وإياهم! لن يضرك أحد ولن ينفعك أحد إلا بما كتب الله تعالى لك أو عليك، لكن ذهابك إلى الدجال أو الكاهن أو المشعوذ يترتب عليه أن تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} ونعيذك بالله تعالى أن ترجو الشفاء بالكفر!
  22. سبب تأييد مجلس كنائس الشرق الأوسط لقيام دولة فلسطين

     المرفق    
    السؤال: لأول مرة منذ خمسة عشر قرناً -والله المستعان- مجلس كنائس الشرق الأوسط أيد دولة فلسطينية مستقلة؟
    الجواب: لا نحتاج أن نقرأ كلاماً طويلاً، ولكن لعلكم فهمتم اللعبة!! قيام دولة فلسطينية على شريط صغير بـالضفة الغربية وتحت حماية سلطة إسرائيل -هذا الشيء الذي يجعله العرب مطلباً عظيماً، وإذا تحقق فكأن جميع مشاكل العرب قد انتهت- يؤيده مجلس كنائس الشرق الأوسط، وإذا قامت الدولة فسيكون ممن أيدها ويحتفظ له بالجميل والشكر والعرفان ولا ينسى معروفه!
    مجلس الكنائس كل لعبة يدخلها، ينقسم النصارى إلى طرفين: طرف يقف ضدك، والآخر يقول: أنا معك! حتى في الأمم المتحدة تجد أن هناك من يؤيد العرب، ويقف مع الدولة الفلسطينية، ويستنكر العدوان الإسرائيلي، وهنا من هو بالعكس، والسبب أن الأدوار موزعة، ونحن كالكرة يقذفنا هذا إلى هذا، ثم يقذفنا هذا إلى هذا، وأدوارهم موزعة فيما بينهم.
    الشرق الأوسط -كما يسمى بالتسمية الاستعمارية- هو العالم الإسلامي، والعالم الإسلامي لا نعترف فيه بمجلس كنائس أبداً؛ والموجودون منهم في العالم الإسلامي هم أهل ذمة، ويجب أن يخضعوا لأحكام الإسلام كما ذكرنا.
    لا يوجد شيء اسمه مجلس كنائس، ولكن -والله المستعان- إذا كان البابا يشارك في أحداث لبنان، والبطريك صفير وجماعته يشاركون، وعلماء المسلمين بعيدون عن المعركة فإذاً نحن نستحق، فهم الذين جعلوا علماءهم وأحبارهم ورهبانهم كذلك، ونحن علماؤنا أقصيناهم عن المعركة، فلا وجود لهم فيها، ولذلك لا يلامون، ويكيدون!
    يجب علينا نحن أن نخطط وأن نعمل وأن نجتهد، وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، وهي الخطوة التي لا يمكن تجاوزها أبداً، وهي التي نبدئ فيها ونعيد، ونقول: ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً))[آل عمران:120].
    هذا والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.