المذيع: نتائج الانهيار في الأمم التمسك بالخرافة والشعوذة كما يقال؟! وردت أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع، أمتنا لجأت مع الأسف إلى أحاديث الفتن وإسقاطها إسقاطاً خاطئاً أو الأحاديث التي ليست من الحديث أصلاً بأن كانت باطلة وموضوعة، توجه فئام من الناس إلى الرؤى والمنامات، فينام في الليل ثم يصبح فيقرر قضايا الأمة الكبيرة وماذا سيحصل؟! حدث ذلك في عدة أزمات لكنه توسع في هذه الأزمة؟
الشيخ: إن كان هذا تعبيراً عن اليأس والاحباط فهذا لا ينبغي، عندنا دائرة الحق المطلق الكتاب والسنة (الوحي)، وعندنا دائرة الظن والمنامات والأحاديث الضعيفة.. وهي إما أنها باطل وإما أنها ظن وإما أنها مشوبة بشيء من الحق، وعلى كل حال هذه الدائرة إذا نحن غطينا واستوعبنا دائرة الحق ودائرة اليقين الذي في القرآن وما بقي إلا تلك فيمكن أن نتجه إليها ونأخذها بقدرها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤى الصالحة من المبشرات، والمبشرات لا تعني أن تجعلها هي كل شغلك وشأنك، ولكن تستعين بها وتتأكد من ذلك، والضوابط الشرعية في الرؤيا لا أستطيع أن آتي بها لضيق الوقت الآن، لكنها واضحة ومحددة، من أرادها فهي موجودة، ويكفي أن منها ما هو من تلاعب الشيطان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو حديث نفس.. فالحقيقة التصدي وتعبير كل رؤيا وأن يكون أكثر وقته هذه المشكلة!!
وأكبر من ذلك أن تربط الأحاديث أو الرؤى بالأحداث المباشرة، وأذكر مثالاً على ذلك: أستاذ فاضل وصديق وكان معنا في القسم، وهو رجل محترم جداً، تحول عن الكتابة الفكرية العقدية -مع أنه حائز على جائزة الملك فيصل في العقيدة عن كتاب في القضاء والقدر- إلى الكلام عن الملاحم وأهل الكتاب وهذه الأشياء بطريقة غريبة! وركب هذه كلها على رجل وهو: صدام حسين!!
فكنت أنصح وأقول: ماذا لو مات أو اغتيل؟! كل هذه الكتب والبحوث أين تذهب؟!
عندي عجائب ولعلها تمتع الأخوة، جاءني رجل وقال: أريدك في أمر مهم جداً جداً، جاء إلى المسجد وأخذني على جنب فقال: الدجال موجود!! وعينه والكاف والراء!! فضحكت. قال: لم ضحكت؟!
قلت: تذكرت نكتة أخرى قبل أيام! وهذا من جملة ما يأتينا أحياناً يومياً ونعاني من هؤلاء، جاءني أخوان، وكل منهما ذو دين وخير وصلاح وفضل في وقت متقارب، قال أحدهما لي: إن الملا عمر هو المسيح الدجال! والله إنه أعور، وإن عليه الكاف والفاء والراء، وإنه عدو الله، وإنه.. وإنه..
وجاء الآخر وقال لي: الملا عمر مثل عمر بن الخطاب في أخلاقه وعلمه وزهده، وإننا على يقين بأنه المهدي المنتظر!! انظر في كليهما!! بعد هائل، فهذا دليل أن لدينا مبالغة إما في المدح أو في الذم، وعندنا تصديق للخرافة.
أيضا جاءني شخص وقال لي: ألا تعلم أن المهدي موجود؟ فقلت: أي مهدي؟!!
فقال: لمه؟ المهدي واحد! فقلت له: جاءني هذا الأسبوع فقط مهدي من كذا، وآخر من كذا، وثالث من كذا.. قال: أستغفر الله، انتهينا ظننت أن هذا هو المهدي!. ومنذ ثلاثين سنة ويأتينا أمثال هؤلاء.
يا أخواني الكرام: نحن لما نضيع أوقاتنا وأعمارنا في هذا، بدلاً من أن نقبل على القرآن كما أكد الأخوة المتصلون، القرآن وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. أحداث آخر الزمان ما صح يكفينا ومن قرأها يجد أنها لا تنطبق على واقعنا، وقد أشرت لذلك في مقابلة مع مجلة البيان، ولا وقت لإعادة الإشارات، لا ينطبق ما جاء في أحاديث الفتن على واقعنا الحالي، نحن في أزمة كأي مرحلة مرت بها الأمة! وتنجلي إنجلاء عادياً، قد يكون فيها خوارق.. كرامات.. آيات.. ممكن! لكن أنها هي التي جاءت فلا.